85
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

آخر.۱

ونُقل في شأن الحسين بن روح أنّه اختفى مدّة ونصّب مكانه شخصا يتابع الأُمور ويكون واسطة للاتّصال بينه وبين الناس، وهو محمّد بن عليّ الشلمغانيّ الذي ضلّ سواء السبيل واختار الإلحاد فيما بعد، وأعدمه المقتدر بسبب ذلك.۲

وحول صعوبة الاتّصال بالسفير السابق عليه محمّد بن عثمان العَمري في أيّام المعتضد العبّاسيّ، وعدم معرفته من قبل الرسول المبعوث إليه، جاء هذا التبرير:

لِأنّ الأمرَ كان حادّاً في زمان المعتضد، وَالسيف يقطر دماً كما يقال، وكان سرّاً بين الخاصّ من أهل هذا الشأن.

ثم أُشير إلى أنّ المبعوث حينما يُبعث بشيء فهو لم يكن يعلم شيئأً عن حقيقة المستلم، ويقال له شفهيّاً فقط إلى أين ينبغي أن يذهب، وإلى من يسلّمه.۳

وشاهِد آخر على ذلك ما نقله الكلينيّ ـ الذي عاش في أيّام السفراء الخاصّين ـ من توقيعات متعدّدة للتعريف بأصل ولادة إمام العصر عليه‏السلام، واشتملت على قرابة ۲۵ رواية، ولكن لم يرد فيها اسم الإمام أو لقبه ولو لمرّة واحدة، وأكثر الأحيان أُشير إليه بالضمير، وأحياناً كُنّي عنه بالغريم والصاحب والرجل۴. ومع أنّ الكلينيّ أقام في بغداد مدّة، إلاّ أنّه لم ينقل حديثاً أو توقيعاً عن أيّ من السفراء الخاصّين، وكأنّ اتّصالاً مباشراً لم يكن بينه وبين أحد منهم.

علما أنّه روى ـ و بواسطتين فقط ـ عن الإمام الهادي عليه‏السلام وثاقة السفير الأوّل بسند صحيح غاية في الاعتبار، ووثاقة السفيرين الأوّل والثاني عن الإمام الحسن

1.. راجع: ج ۲ ص ۳۹۶ ح ۶۵۱ الغيبة للطوسي.

2.. راجع: ص ۱۸۹ ح ۷۲۹ الغيبة للطوسي.

3.. راجع: الغيبة للطوسيّ: ص ۲۹۵ ح ۲۴۹ .

4.. راجع: الكافي: ج ۱ ص ۵۱۴ ـ ۵۲۵.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
84

وإضافة إلى الضغوط وعوامل الهدم والفساد من قبل بعض الوكلاء الذين آل بهم الأمر إلى الانحراف والضلال، أو بعض الحركات مثل جعفر الكذّاب وأمثاله، إضافة إلى ما ذُكر، خلق الحكّام وعملاؤم أوضاعاً عصيبة جدّا، هذا بالرغم من جود بعض الشيعة أو الأُسر الشيعيّة المتنفّذة والمعتبرة في المجتمع وأجهزة الحكم مثل آل نوبخت، بحيث حينما سُئل أبو سهل النوبختيّ ـ وهو ممّن تشرّف برؤة الإمام المهديّ عليه‏السلام في الساعات الأخيرة من عمر الإمام العسكريّ عليه‏السلام وحضر حين وفاته۱ ـ:

كيف صار هذا الأمر إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح دونك؟ فقال:

هم أعلم وما اختاروه، ولكن أنا رجل ألقى الخصوم وأُناظرُهم، ولو علمتُ بمكانه [أي الإمام] عليه‏السلام كما علم أبو القاسم وضَغَطَتني الحجّةُ، لعلّي كنت أدلّ على مكانه، وأبو القاسم فلو كانت الحجّة تحت ذيله وقُرض بالمقاريض، ما كشف الذيلَ عنه.۲

فالحسين بن روح ملتزم غاية الالتزام بالتقيّة بحيث غدا شخصيّة مقبولة لدى الموافق والمخالف، ليس هذا فحسب، بل حظي بمنزلة خاصّة عند المقتدر باللّه‏ العبّاسيّ ووالدته، وحضر مجلسه.

ومن صفاته ما يصوّره هذا الخبر: أنّه أبدى رأياً وفقاً للتقيّة في أحد مجالس المناظرة، فصدرت من أحد أتباعه ضحكة في غير محلّها بنحوٍ يُحتمل فيه أن تتّضح حقيقة رأي الحسين بن روح، فاعترض عليه الأخير بشدّة خارج المجلس، وأكّد عليه أنّه لو تكرّر منه ذلك فسوف يقطع علاقته به.۳

وحينما أُخبِر أنّ أحد الخدم في بيته سبّ معاوية ولعنه، أمر بطرده، وبالرغم من طلباته المكرّرة بالرجوع إلى عمله إلاّ أنّه واجهه بالرفض، فاضطرّ الخادم إلى العمل في مكان

1.. راجع: ج ۲ ص ۱۴۰ ح ۴۹۵ الغيبة للطوسي.

2.. راجع: ج ۲ ص ۳۸۳ ح ۶۳۷.

3.. راجع: ج ۲ ص ۳۹۷ ح ۶۵۳ الغيبة للطوسي.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12382
صفحه از 458
پرینت  ارسال به