81
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

من تعقيدات أوجدها جعفر الكذّاب والتيّار التابع له، والدجّالون المدّعون الاتّصال بالإمام عليه‏السلام.

وأشار الشيخ الطوسيّ إلى كثرة التوقيعات، وأنّ ما ذكره ما هو إلاّ جزء منها۱. ويتراءى هذا الأمر بوضوح أكثر حينما تُستقرأ بعض الشواهد الدالّة على الاهتمام الكبير ـ كاهتمام النوّاب الخاصّين ـ بالإحالة على فقهاء الشيعة ؛ ليتزايد استعداد المجتمع الشيعيّ وهو على مشارف الغيبة الكبرى.

واعتبر بعض الباحثين أنّ بوادر ما أُنجز في سبيل تحقيق هذا الهدف ظهرت في آفاق إمامة الحسن العسكريّ عليه‏السلام، كما أمر إمام العصر عليه‏السلام بشأن الحوادث الواقعة ـ عبر توقيعه لرسالة إسحاق بن يعقوب في أيّام النائب الثاني له محمّد بن عثمان العَمريّ ـ بالرجوع إلى رواة أحاديثهم، وفي الحقيقة إلى الفقهاء، وعرّفهم بأنّهم حجّته على الشيعة۲، ممّا جذب اهتمام الفقهاء القدماء والمعاصرين باعتباره أحد أدلّة حجّية الاجتهاد ووجوب التقليد، وسنقف عنده في نهاية هذه الدراسة.

وكذلك أرسل النائب الثالث حسين بن روح كتاب التأديب إلى مجموعة من فقهاء مدينة قم ليدقّقوا فيه ويقيّموه من حيث احتوائه على مواضيع تخالف آراءهم أم لا۳، فأيّدوا

1.. الغيبة للطوسيّ : ص ۲۸۵ .

2.. راجع: ص ۲۰۹ ح ۷۵۰ كمال الدين .

3.. أشار سماحة آية اللّه‏ السيّد موسى الشبيري الزنجاني ـ دام ظلّه ـ إلى أنّ كتاب التأديب مجهول هو ومؤّفه راجع: جرعه‏اى از دريا (بالفارسيّة: ج ۱ ص ۱۷۵).
ولكن يبدو أنّه كتاب التأديب لمحمّد بن أحمد بن عبد اللّه‏ بن مهران المعروف بابن خانبه، وذُكر الكتاب باسم «يوم وليلة»أيضاً. ونقل النجاشي أنّ مجموعة من الشيعة طلبت من الإمام العسكريّ عليه‏السلام في رسالة أن يكتب أو يرسل لهم كتاباً يعملون به، فأرسل كتاباً، وقابلوه على كتاب ابن خانبه، فاتّضح أنّه الكتاب نفسه (راجع: رجال النجاشيّ : ج ۱ ص ۲۳۵ الرقم ۲۲۴ و ج ۲ ص ۲۳۹ الرقم ۹۳۶ والفهرست للطوسيّ : ص ۶۳ ـ ۶۴ الرقم ۷۹) .
وهذا يمكن أن يشكّل أرضيّة لتدقيق وتقييم حسين بن روح. وابن خانبه من غلمان يونس بن عبد الرحمن، وليونس نفسه كتاب باسم يوم وليلة، عرضه على الإمام العسكريّ عليه‏السلام فقرأه وأيّد صحّته بأجمعه، كما أيّدها الإمام الجواد عليه‏السلام أيضاً راجع: وسائل الشيعة: ج ۱۸ ص ۷۱ ـ ۷۲ ح ۷۴ ـ ۷۵ و۸۰ .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
80

وسنشير في هذه الدراسة أوّلاً إلى بعض الخصائص الكلّية لهذا القسم من التوقيعات، ثمّ نتناولها باستقصاء وتقييم مفصّلين في مضانّها الفقهيّة، مع شرح لمعناها وكيف استفاد منها الفقهاء الشيعة في استنباط الأحكام الشرعيّة لمختلف أبواب الفقه ؛ بهدف الاطّلاع على مدى الاعتبار التفصيليّ لكلّ واحد منها، وإزاحة ما يكتنفها من غموض.

الخصائص الكلّية للتوقيعات الفقهيّة

يتطلّب شرح التوقيعات الفقهيّة ـ بصفتها قسماً ممّا صدر عن الإمام المهديّ عليه‏السلام ـ وبيان خصائصها، بحثاً مستقلاًّ مستفيضاً ؛ نظراً لعلاقتها ببعض القضايا التاريخيّة والكلاميّة والاعتقاديّة للشيعة، أمّا العرض الإجمالي لجزء من الخصائص الكلّية لهذا القسم، فيمكنه أن يبيّن قيمتها ومنزلتها إلى حدّ ما. والبحث الآتي يتطرّق إلى خمسة من تلك الخصائص، هي:

۱. العدد والتنوّع

مجموع ما بقي في متناول الأيدي الآن من أسئلة وأجوبة إمام العصر عليه‏السلام في مواضيع الأحكام الشرعيّة، هو ۷۵ مورداً، أغلبها في الأحكام الشرعيّة المختلفة، ماعدا بعض الأسئلة والأجوبة المكرّرة.

ولايعدّ هذا العدد المتبقّي من الأسئلة مع توقيعات جلّها في مجالات أُخرى ـ كالمسائل الاعتقادية، وطلبات الأدعية، وتقديم الهدايا والوجوه الشرعية ـ رقماً مرتفعاً إذا ما قورن بأيّام الإمامين الباقر والصادق، ولاسيّما الأخير، ولكن مع هذا فإنّه يستحقّ الاهتمام إذا ما أُخِذت بعين الاعتبار القيود الصارمة المفروضة على الاتّصالات، والاختلافات الشديدة، وحالات الانحرافات والضلال التي شهدتها إمامة وغيبة الإمام المهديّ عليه‏السلام.

وينبغي اعتبار هذه الحقبة الزمنيّة المحيقة بالمجتمع الشيعيّ من الأوقات العصيبة المشحونة بالتقلّبات ؛ بسبب ما فُرض على المجتمع المذكورـ وبخاصّة الوكلاء الأربعة ـ

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12252
صفحه از 458
پرینت  ارسال به