لبعضنا بسرور: إنّ هذا المرتفع يقع أعلى ذلك الممرّ الجبليّ بين مكاننا والجهة التي نريدها، وهذا الشخص يأتي مشياً من هناك. فتحرّك نحونا ونحن أيضاً تحرّكنا باتّجاهه حتّى التقينا ببعضنا.
كان شخصاً بملابس عامّة الناس، فتصوّرنا أنّه من أهالي تلك القرية، فسألناه عن وضع الطريق، قال: الطريق هو ذلك الذي أتيت منه. وأشار بيده إلى المكان الذي شاهدناه فيه أوّل الأمر، وقال: وهو بداية الممرّ الجبليّ. قال ذلك وتركنا وذهب، فسرنا من محلّ عبوره وعلى آثار أقدامه حتّى وصلنا إلى بداية الممرّ حيث رأينا ذلك الشخص وارتاحت نفوسنا، غير أنّنا لم نعد نشاهد آثار أقدامه من ذلك المكان إلى الجهة الأُخرى، مع أنّ الجوّ منذ أن رأيناه حتّى وصلنا إلى هنا كان في غاية الهدوء والوضوح، ولم تكن هناك ثلوج جديدة غير السابقة، والعبور من الممرّ غير ممكن دون أن تترك الأقدام آثارها في الثلج، ومن فوق ذلك المرتفع يبدو جميع السهل واضحاً، ولكنّنا نظرنا فلم نر ذلك الشخص.
تعجّب الجميع من هذا الأمر، ومهما نظرنا إلى جوانب الطريق لعلّنا نعثر على أثر لأيّ قدم، لم نشاهد شيئاً، ومن أعلى الممرّ الجبليّ إلى مدخل قرية أرحامنا وهي قرابة نصف فرسخ، بذلنا غاية وسعنا لكي نجد أثر قدم ما، ولم نفلح.
وبعد دخولنا إلى القرية سألناهم: هل سقط اليوم ثلج جديد هنا وفي هذا الجانب من الممرّ؟ فقالوا: لا، بل كانت السماء صافية والشمس طالعة من بداية اليوم حتّى الآن، إلاّ في الليلة الفائتة حيث سقط ثلج قليل.
بعد ملاحظة هذه الشواهد وتلك الاستجابة والإغاثة، لم يبق للحقير والمرافقين لي أيّ وجه للشكّ في أنّ ذلك الشخص هو مولانا، أو مبعوث خاصّ من حضرة صاحب العرش عز و جل. واللّه العالم بحقائق الأُمور.۱