427
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

لبعضنا بسرور: إنّ هذا المرتفع يقع أعلى ذلك الممرّ الجبليّ بين مكاننا والجهة التي نريدها، وهذا الشخص يأتي مشياً من هناك. فتحرّك نحونا ونحن أيضاً تحرّكنا باتّجاهه حتّى التقينا ببعضنا.
كان شخصاً بملابس عامّة الناس، فتصوّرنا أنّه من أهالي تلك القرية، فسألناه عن وضع الطريق، قال: الطريق هو ذلك الذي أتيت منه. وأشار بيده إلى المكان الذي شاهدناه فيه أوّل الأمر، وقال: وهو بداية الممرّ الجبليّ. قال ذلك وتركنا وذهب، فسرنا من محلّ عبوره وعلى آثار أقدامه حتّى وصلنا إلى بداية الممرّ حيث رأينا ذلك الشخص وارتاحت نفوسنا، غير أنّنا لم نعد نشاهد آثار أقدامه من ذلك المكان إلى الجهة الأُخرى، مع أنّ الجوّ منذ أن رأيناه حتّى وصلنا إلى هنا كان في غاية الهدوء والوضوح، ولم تكن هناك ثلوج جديدة غير السابقة، والعبور من الممرّ غير ممكن دون أن تترك الأقدام آثارها في الثلج، ومن فوق ذلك المرتفع يبدو جميع السهل واضحاً، ولكنّنا نظرنا فلم نر ذلك الشخص.
تعجّب الجميع من هذا الأمر، ومهما نظرنا إلى جوانب الطريق لعلّنا نعثر على أثر لأيّ قدم، لم نشاهد شيئاً، ومن أعلى الممرّ الجبليّ إلى مدخل قرية أرحامنا وهي قرابة نصف فرسخ، بذلنا غاية وسعنا لكي نجد أثر قدم ما، ولم نفلح.
وبعد دخولنا إلى القرية سألناهم: هل سقط اليوم ثلج جديد هنا وفي هذا الجانب من الممرّ؟ فقالوا: لا، بل كانت السماء صافية والشمس طالعة من بداية اليوم حتّى الآن، إلاّ في الليلة الفائتة حيث سقط ثلج قليل.
بعد ملاحظة هذه الشواهد وتلك الاستجابة والإغاثة، لم يبق للحقير والمرافقين لي أيّ وجه للشكّ في أنّ ذلك الشخص هو مولانا، أو مبعوث خاصّ من حضرة صاحب العرش عز و جل. واللّه‏ العالم بحقائق الأُمور.۱

1.. دار السلام در أحوالات حضرت ولىّ عصر بالفارسيّة: ص ۳۲۰.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
426

ركض وهو يقول: الطريق مسدود وغير معلوم. وأخذ ببيان الطريق وعلاماته قائلاً: الآن وقد ذهبتم فاسلكوا مكان كذا، واتّخذوا جانب كذا. وواصل إرشاده إلى الحدّ الذي يصلنا فيه صوته، حتّى لم يعد يصل، فصمت وتابعنا سيرنا.
ابتعدنا عن القرية مسافة، ولم نعثر على الطريق؛ لأنّه مسدود تماماً، وعبثاً مشينا، فغصنا حيناً حتّى ظهورنا وصدورنا في الحفر التي يصنعها الثلج دائماً، وسقطنا حيناً آخر، والأسوأ من كلّ هذا الخوف من الوقوع في القنوات المائية وآبارها التي غطّاها الثلج والعواصف الثلجيّة، إضافة إلى اختفاء الطريق، وغوصنا في الثلج إلى أبعد من الرُّكب، وأحذيتنا وملابسنا التي تناسب أجواء المدينة والصيف. وأحياناً غطس بعضنا بنحوٍ لا يتمكّن من الخروج حتّى يجتمع الآخرون ويجرّونه من الثلج والحفر المستورة تحته. ومع هذا واصلنا المشي؛ لأنّ الجوّ كان مشمسا ومضيئا، على الرغم من سقوطنا كلّ بضعة أقدام أو غوصنا في الثلوج.
ثمّ بدأت الغيوم تتّصل ببعضها والجوّ يصبح مظلماً، وأخذ الثلج بالتساقط والعواصف الثلجية بالهبوب، وتبلّلنا من رؤسنا حتّى أقدامنا، وتعطّلت أعضاؤا من عصف الرياح ونزول الثلوج، لذلك يئس الجميع من الحياة، وأخذنا نتوقّع الموت، فشرعنا بالاستغفار، وإيصاء بعضنا لبعض، وبعد إتمام الوصيّة والاستعداد للموت، قال الحقير لهم: يجب ألاّ نيأس من فضل اللّه‏ وكرمه، إذ جعل لنا عظيماً وملجأً يستطيع في أيّ وقت وحال أن يعيننا ويغيثنا، فالأفضل أن نستغيث به ونلجأ إليه. قالوا: أيّ شخص تعني؟ قلت: إمام العصر وصاحب الأمر الحجّة القائم عليه‏السلام.
وما سمعوا بذلك حتّى ضجّ الجميع بالبكاء والعويل، وتعالى النداء بـ «واغوثاه! أغثنا وأدركنا! يا صاحب الزمان!». وفجأة سكنت الرياح، وتبدّد الغيم، وطلعت الشمس، ولمّا رأينا ذلك بلغنا غاية الفرح والسرور، غير أنّنا نظرنا إلى ما حولنا من أربع جهات، فلم نرَ غير التلال والجبال، ولم نهتدِ إلى وجهتنا، وخفنا إذا ذهبنا أن نضلّها ونُبتلى بالمنطقة الجبليّة ونغدو فريسة للسباع، فبقينا متحيّرين.
ولكن باغتتنا رؤة شخص على المرتفع المقابل وهو يمشي متّجهاً نحونا، فقلنا

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12379
صفحه از 458
پرینت  ارسال به