أصبحتُ ابتدأت في تأليف هذا الكتاب ممتثلاً لأمر وليّ اللّه وحجّته، مستعيناً باللّه ومتوكّلاً عليه ومستغفراً من التقصير، «وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ»۱.۲
۴ / ۲
الشَّيخُ المُفيدُ
۸۶۲.إحدى ألطاف الإمام المهدي عليهالسلام هي تصحيح فتوى الشيخ المفيد بشأن امرأة ماتت وهي حامل وطفلها حيّ في بطنها. فكتب الميرزا محمّد التنكابنيّ قائلاً۳:
جاء رجل قرويّ إلى الشيخ المفيد وسأله عن امرأة ماتت وطفلها حيّ في بطنها، هل يجب شقّها وإخراج الطفل منه، أم تدفن مع حملها؟ فقال الشيخ: ادفنوها مع حملها. فرجع الرجل، ورأى في وسط الطريق فارساً يحثّ الخطى نحوه، وما أن وصل إليه قال: أيّها الرجل، يقول الشيخ: شقّوا بطن المرأة وأخرجوا الطفل ثمّ ادفنوها.
فعمل الرجل بما قاله الفارس، وبعد مدّة قصّ الحادثة على الشيخ المفيد، فقال الشيخ: لم أُرسل أحداً! ومعلوم أنّ ذلك الشخص هو الإمام المهديّ عليهالسلام ؛ ولأنّني أخطأ في الأحكام الشرعيّة، فالأفضل ألاّ أُفتي بعد الآن. ثمّ جلس في بيته وأغلق بابه ولم يعد يخرج منه.
وإذا بتوقيع يصدر من صاحب الأمر عليهالسلام: «أيُّها الشَّيخُ المُفيدُ، عَلَيكَ الفَتوى وعَلَينَا التَّسديدُ»، فعاد الشيخ وجلس على منبر الإفتاء۴.۵
1.. هود: الآية ۸۸.
2.. كمال الدين: ص ۳.
3.. الميرزا محمّد بن سليمان التنكابنيّ الواعظ ۱۲۳۵ ـ ۱۳۱۰ه ، مؤّف عدّة كتب؛ منها قصص العلماء(بالفارسية) (راجع : أعيان الشيعة : ج ۹ ص ۳۵۰) .
4.. لقد نقلنا منه هذه القصة وهي تذكّرنا بقصّة مشهورة في العصر الحاضر وقد واجهت إشكالات عديدة في المتنو السند ، فبسبب ما تمّ نقله في كتاب متأخّر جدّا في حدود القرن الثالث عشر والرابع عشر الذي يفصله تسعمئة سنة عن زمن وقوع الادّعاء ، وما يميّز الكتاب ومؤلّفه أيضا هو اُسلوب السرد القصصّي وافتقاره إلى الدقّة والضبط اللازم في النصوص الحديثيّة والتأريخيّة ، كما أنّ المحتوى المطروح لا ينسجم مع القواعد العقلائيّة والنقليّة .
فمن الواضح أن ليس لأحد الحقّ في دفن الحمل الحيّ مع اُمّه الميّتة وهي حامل به! وهذا ما لا يجيزه حتّى الناس العادّيين أيضا ، فكيف بعالم دقيق ومتفحّص كالشيخ المفيد أن يحكم بجواز دفن إنسان حيّ؟! وهناك رواية موجودة في المصادر القديمة مثل الكافي (ج ۳ ص ۲۰۶ ح ۱ ـ ۲) تدلّ أيضا على وجوب شقّ بطن الاُمّ وإخراج الولد منها . وهذا الكتاب وهذه الرواية كانا في متناول العلماء ، وقد أفتى طبقها قدماء الأصحاب .
علما أنّ وقوع هذه القصّة خارجا هو محال أيضا ؛ لأنّ الجنين لا يبقى حيّا في بطن الاُمّ الميّتة إلاّ لوقت قصير ، فكيف يمكن بقاؤه حيّا في هذه المدّة الطويلة التي استغرقها الذهاب من القرية إلى المدينة لأجل الاستفتاء ثمّ الرجوع إلى القرية!
5.. قصص العلماء: ص ۳۸۴ بقليل من التصرّف، عنايات حضرت مهدي موعود به علماء ومراجع تقليد بالفارسيّة: ص ۵۰.