405
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

ما جاء من إرشادات لرؤة الإمام المهديّ عليه‏السلام

بعد إثبات إمكانيّة لقاء الإمام المهديّ عليه‏السلام، يمكن أن تُطرح الأسئلة الآتية: هل قدّمت طرق للتشرّف بحضور الإمام عليه‏السلام ؟ وإلى أيّ مدى يكن الوثوق بها؟ وعلى فرض أنّها معتبرة، كيف يمكن المواءمة بينها وبين ما قيل من أنّه لا يمكن التنبّؤبرؤة الإمام في عصر الغيبة؟

قبل الإجابة نشير إلى أنّنا لا نقصد من رؤة الإمام المهديّ عليه‏السلام رؤته بدون معرفته ؛ لأنّها تفتقر إلى فوائد ومميّزات الرؤة الواعية، ولم تتعرّض لكثير شكّ وترديد، كما نقصد لقاء إمام العصر نفسه عليه‏السلام لا المتّصلين به وأتباعه وخواصّه، أو حتّى تخيّل رؤته، وهو ما يحدث أحياناً لبعض الساعين في هذا السبيل، ويُلبس الأمر عليهم وعلى من حولهم.

وبناء على ذلك يمكن الإجابة على الأسئلة المطروحة بأنّ بعض الأحاديث أوصت ببعض الأدعية والأعمال للتشرّف بلقاء الإمام المهديّ عليه‏السلام في الرؤا أو في اليقظة، ولكن ليس لأيّ منها سند قويّ ومعتبر وموثوق، ولا تُعدّ مصادرها من المصادر الأساسيّة للشيعة.۱

وعلى هذا الأساس، ليس لهذه الأخبار بليغ اعتبار، ولكن بعض التجارب الناجحة في الاستفادة منها هيّأت خلفيّة اختبارها والاعتقاد بها، تجارب امتدّت على طوال التاريخ، ونقلت أحياناً عن بعض المكروبين أو عباد اللّه‏ المخلصين الذين بَرَت الضرّاءُ والمحنُ نفوسَهم حتّى استجلبوا عناية اللّه‏ عز و جل وحجّته بالحقّ، وتوفّرت فيهم أرضيّة إغاثة الإمام الرؤفة الحكيمة لهم، أو بسبب ما قدّموه من خدمة وتضرّع دائم ومتواصل، وتقدير الإمام عليه‏السلام بأن يتشرّفوا بلقائه لمدّة قصيرة أو طويلة.

وبعض هؤاء الرواة ـ لاجميعهم ـ يسلّم لهم المعاصرون ـ بل الجميع ـ بالعفّة والصدق، ويعرفونهم بأشخاصهم وشخصيّاتهم.

1.. راجع: ج ۴ ص ۲۵۳ ح ۱۰۸۲ «الاختيار» و مكارم الأخلاق: ص ۲۸۴.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
404

التي يمكن ظهورها في المجتمع الشيعيّ ؛ مثل تهيئة الأرضيّة للادّعاءات الكاذبة، والاتّصالات غير الحقيقيّة، وشيوع الخرافات، وإبعاد وإقصاء العلماء عن العقائد الشيعيّة الأصيلة.

والجواب على ذلك هو أنّه على الرغم من تعرّض كثير من العقائد الحقّة على مدى التاريخ لاستغلال المشعوذين وعبدة الدنيا الذين يعتاشون على الدين، ولا شكّ في بروز خرافات مضرّة إلى جانب العقائد الأصيلة، ولكن هل هذا يعني خطأ العقائد الحقّة؟ وهل يبيح رَكنَها جانباً؟ والسؤل الأكثر أهمّية: ماذا نفعل بالأخبار العديدة لكبار العلماء المتضلّعين والأشخاص الثقات الصادقين والمتّقين الذين تشرّفوا ولو بلقاءات قصيرة ونادرة برؤته؟ هل يمكننا أن نعتبر جميع أُولئك الصادقين من الأشخاص كاذبين نتيجة للتعاطي السيّئ لبعض المفترين؟

ووظيفتنا تعيّين المعنى الدقيق لرؤة الإمام المهديّ عليه‏السلام في عصر الغيبة التي لا تحدث إلاّ بنحوٍ نادر ولأشخاص صالحين معدودين هم على درجة عالية من طهارة القلب أو عاجزين جدّاً ومحتاجين ولاجئين، وهي تختلف تماماً مع ادّعاء الرؤة المنظّمة والمستمرّة وباختيار شخص المدّعي. ومن المفارقات أنّ المجموعة الأُولى تُخفي رؤتها للإمام عليه‏السلام، ثمّ تأتي الحكمة والأحداث الإلهيّة المقدّرة لتزيح الستار عنها.

نعم، المجموعة الثانية هي من توفّر أرضيّة النزوع نحو الخرافات من جهة، وتثبيط العزائم والإنكار من جهة أُخرى ؛ بعدم التزامها وادّعائها الكاذب للرؤة والتشرّف الحقيقيّ بالإمام عليه‏السلام، وبخداع النفس وضلالة الشيطان. وتقع على عاتقنا وظيفة البحث والدراسة، وعلى عاتق العلماء والمتصدّين للقضاء والقانون وظيفة الإشراف والمتابعة والمواجهة.

وواضح أننّا ينبغي أن نشكّ أوّلاً بعقلانيّة مقبولة في خبركلّ مخبر عن الرؤة، ونسعى لمعرفة صحّته وسقمه استناداً إلى القرائن الجانبيّة، ولا نسلّم به إلاّ بعد الوصول إلى اليقين، بالرغم من أنّه لايجب علينا نفي أو قبول رؤة شخص للإمام عليه‏السلام وإنكارها أو تأييدها.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12186
صفحه از 458
پرینت  ارسال به