403
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

ثانيا: تساوي الغيبتين الكبرى والصغرى

يقول منكرو الرؤة: لو كان في الإمكان رؤة الإمام عليه‏السلام في عصر الغيبة الكبرى، فلا يعدّ ثمّة فرق بين الغيبة الكبرى وما تُسمّى بالتامّة، وبين الغيبة الصغرى، في حين أنّ مثل هذا التعدّد والتفاوت بين الغيبتين واضح في الأحاديث ومطابق لعقائد الشيعة.

الجواب: الفرق بين عهدي الغيبة يسلّم به الجميع، غير أنّه متحقّق عبر تنصيب النوّاب والسفراء الخاصّين في الغيبة الصغرى وعدم تنصيبهم في الكبرى، ولا حاجة لمزيد من الفروق، بالرغم من أنّ رؤة الإمام والاتّصال به في عصر الغيبه‏الصغرى ـ ولاسيّما بالمكاتبة ـ أكثر يسراً، وتعداد لقاءاته أعلى عدداً، وهذا أيضاً فارق آخر. وقد ذكر بعض العلماء الأوائل هذه الفروق أيضاً.۱

ملاحظة ۱:

اعتبر منكرو الرؤة عدداً من العلماء موافقين لهم، ونقلوا عباراتهم، وهي لا تدلّ على نفي الرؤة، وقد ذُكرت هذه الأقوال ونفي أدلّة المنكرين في محلّها۲، ولكنّنا سنذكر قول الشيخ الطوسيّ فقط ؛ نظراً لتلقيبه بشيخ الطائفة ولسان القدماء، فهو يمثّل بوضوح وجهة نظر مشهور العلماء. قال الشيخ الطوسيّ:

إنّا أوّلاً لا نقطع على استتاره عن جميع أوليائه، بل يجوز (أن يظهر) لأكثرهم، ولا يعلم كلّ إنسان إلاّ حال نفسه.۳

ملاحظة ۲:

قلنا في بداية البحث إنّ أحد الدوافع لإنكار الرؤة هي الوقاية من النتائج غير المحمودة

1.. راجع: الغيبة للنعماني: ص ۱۶۱ و ۱۷۳ والغيبة للطوسيّ: ص ۶۱.

2.. راجع: ديدار در عصر غيبت بالفارسيّة: ص ۲۴۹ ـ ۲۶۶. كتب المؤّف في هذا القسم من الكتاب نقداً جادّاً، ونفى موافقة هذه المجموعة من العلماء لمنكري الرؤة.

3.. الغيبة للطوسيّ: ص ۹۹.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
402

والاجتماع به فممنوع ؛ إذ بيّن أنّ لقاء الإمام عليه‏السلام لن يُستجاب، فعدم رؤته أمر إلهيّ.

الجواب: نقول ما يلي مع غضّ النظر عن عدم نسبة هذا القول إلى الإمام عليه‏السلام:

۱ ـ دار هذا الحوار في عصر الغيبة الصغرى وحضور نائبه الخاصّ.

۲ ـ إنّ هذا الحوار متعلّق بشخص معيّن ربّما لايملك استحقاق وأهليّة التشرّف بلقاء الإمام عليه‏السلام.

وعلى فرض شمول هذا الخطاب لعصر الغيبة الكبرى وجميع الشيعة، إلاّ أنّه حكم عامّ يمكن تخصيصه بأدلّة أُخرى، وهو لايرصد أصلاً اللقاءات التي يسعى إمام العصر عليه‏السلام إلى تحقّقها.

النتائج الخاطئة لادّعاء الرؤة

يزعم منكرو الرؤة أنّ هناك نتائج خاطئة تترتّب على القبول بإمكانيّة وقوع الرؤة في زمن الغيبة الكبرى، ولهذا لا يسلّمون بها. وفيما يلي سنذكر مزاعمهم ثمّ نتولّى نقدها.

أوّلاً: التعارض مع فلسفة الغيبة والانتظار

الغرض من الغيبة ـ وبخاصّة أمدها الطويل ـ اختبار المؤمنين وقياس مدى صبرهم وإيمانهم بالغيب، ولو توفّرت إمكانيّة رؤة الإمام ونيل إجابته عن كلّ سؤل واستجابته لكلّ استغاثة في أيّ وقت، لا يتحقّق هذا الاختبار.

الجواب: نحن نوافق أيضاً على أنّ سهولة الاتّصال وإمكانيّة التشرّف السهل الوفير برؤته يعارض فلسفة الغيبة، ولكنّ اللقاءات التي ربّما لا تحدث لجيل من البشر، أو لا تتجاوز عدد الأصابع على مدى قرن من الزمان، لا أنّها لاتتعارض مع الغيبة فحسب، بل تضيء أنوار الأمل في قلوب المؤمنين، ومساندة الإمام وأجوبته من حين لآخر تجعلهم يلمسون الخسارة المترتّبة على طول عهد الغيبة، وتحثّهم على الدعاء والتضرّع لنهايتها، والتأهّب لزمن الظهور.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12208
صفحه از 458
پرینت  ارسال به