401
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

لايمكن ادّعاء الانحصار في هذا المقام.

إضافة إلى أنّ تشبيهه بالشمس خلف السحاب، يُستفاد منه تحقّق اللقاء به من حين لآخر، كما ذكر العلاّمة المجلسي أنّ أحد وجوه التشبيه هو اللقاء، حيث قال:

السادس: [من وجوه التشبيه بالشمس المجلّلة بالسحاب] أنّ الشمس قد تخرج من السحاب وينظر إليها واحد دون واحد، فكذلك يمكن أن يظهر عليه‏السلام في أيّام غيبته لبعض الخلق دون بعض.۱

الثاني: استدلّ المنكرون بحديث آخر وهو لأمير المؤمنين عليه‏السلام، حيث ذكر في بيان استعاريّ ومجازيّ ما يلي:

لِلقائِمِ مِنّا غَيبَةٌ أَمَدُها طَويلٌ، كَأنّي بِالشّيعَةِ يَجولونَ جَوَلانَ النَّعَمِ في غَيبَتِهِ، يَطلُبونَ المَرعى فَلا يَجِدونَهُ.۲

والجواب: إنّنا لاندّعي أيضاً بأنّ كلّ من يريد أن يرى الإمام يمكنه ذلك أو يطّلع على مكانه، بل نقول بوقوع اللقاء على نحو الاستثناء من أصلٍ كلّيّ.

إضافة إلى أنّ نصّ الحديث خالٍ من أيّ إشارة إلى اللقاءات التي يرتّبها الإمام عليه‏السلام نفسه لإغاثة شيعته.

الثالث: اتّكأ منكرو الرؤة أيضاً على جواب النائب الثاني العَمريّ لشخص باسم أحمد بن إبراهيم الذي شكا شوقه إلى رؤة الإمام وهو يخاطب العَمريّ، فأجابه:

لا تَلتَمِس يا أبا عَبدِ اللّه‏ِ أن تَراهُ، فَإنَّ أيّامَ الغَيبَةِ يُشتاقُ إلَيهِ، ولا تَسألِ الاجتِماعَ مَعَهُ، إنَّهُ عَزائِمُ اللّه‏ِ وَالتَّسليمُ لَها أولى، وَلكن تَوَجَّه إِلَيهِ بِالزِّيارَةِ.۳

ووجه الاستدلال أنّ ظاهر الرواية يشير إلى عدم إمكان رؤة الإمام عليه‏السلام، ويستشفّ منه أنّ وظيفتنا في عصر الغيبة هي التوجّه إليه وزيارته والشوق القلبيّ له، أمّا سؤل رؤته

1.. بحار الأنوار: ج ۵۲ ص ۹۴.

2.. راجع: ج ۲ ص ۲۳۵ ح ۵۴۹.

3.. المزار الكبير: ص ۵۸۵.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
400

۴. الأحاديث العامّة للغيبة

ذكرنا فيما تقدّم الأدلّة الأساسيّة للمنكرين، علما أنّهم استدلّوا بعدّة أحاديث أُخرى ناظرة إلى أصل الغيبة، وعلى الرغم من عدم ظهورها فيما يدّعون، إلاّ إنّنا سنذكر استدلالهم ونناقشه من أجل إكمال البحث.

الأوّل: أحد الأدلّة هو الاعتماد على فقرتين من حديث رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله: إحداهما عبارة:

يَغيبُ عَن أولِيائِهِ غَيبَةً.۱

والأُخرى عبارة:

وَالَّذي بَعَثَني بِالنُّبُوَّةِ! إِنَّهُم يَستَضيئُونَ بِنورِهِ، ويَنتَفِعونَ بِوَلايَتِهِ في غَيبَتِهِ كَانتِفاعِ النّاسِ بِالشَّمسِ وإِن تَجَلَّلَها سَحابٌ.۲

فقد اعتبر المنكرون العبارةَ الأُولى عامّة، ثمّ بالاستناد إلى الفقرة الثانية يحصرون الاستفادة من إمام العصر بالانتفاع منه خلف ستار الغيبة، ويقولون بأنّه لو وُجد طريق آخر للانتفاع من القائم ـ مثل لقائه في بعض الحالات والأزمنة عن طريق قراءة أوراد وأذكار خاصّة أو ممارسة رياضات معيّنة ـ لتوجّب على الرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الإشارة إليها ولو إجمالاً.

الجواب: نحن أيضاً نعتبر الغيبة عامّة، ولكن هل هذا يعني أنّ اللقاءات القليلة أو التصادفيّة أو زيارة الخواصّ من الأتباع له غير ممكنة، أليست مثل كلّ عامّ وخاصّ آخرين لها قابليّة الجمع مع هذا العموم؟

كما أنّ تشبيه الانتفاع من الإمام عليه‏السلام بالانتفاع من الشمس وهي خلف السحاب، لا يحصر الانتفاع بالإمام بأيّ وجه من الأوجه ؛ لأنّ الراوي لم يطلب من رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله تعداد فوائد الإمام الغائب لكي يُستفاد الحصر من عدم ذكرها، فقد سأل بنحوٍ عام: هل يتحقّق لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ والرسول صلى‏الله‏عليه‏و‏آله بيّن له فائدة الإمام بتشبيه واحد، وواضح أنّه

1.. إلزام الناصب : ج ۱ ص ۳۸۲ .

2.. راجع: ج ۲ ص ۲۶۳ ح ۵۹۶.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12517
صفحه از 458
پرینت  ارسال به