399
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

الموضوع۱، حيث قال:

ومحظور عليهم الفحص والكشف عن صاحب الغيبة، والمطالبة باسمه أو موضعه أو غيابه أو الإشادة بذكره، فضلاً عن المطالبة بمعاينته.۲

والجواب: إذا لم نعتبر الحديث مختصّاً بالغيبة الصغرى ونقبل بشموله لزمن الغيبة الكبرى أيضاً، فلا يمكننا اعتباره نافياً لإمكانيّة الرؤة أيضاً ؛ لأنّه بالنظر إلى عصر حضور الأئمّة ندرك أنّه بعد وفاة كلّ إمام تبدأ وظيفة الفحص عن الإمام التالي وطلب الحجّة الإلهيّة۳، ويأتي هذا الحديث في سياق إزاحة هذه الوظيفة عن عاتق الشيعة في بداية عصر الغيبة، بل ينبغي عليهم الارتباط بالإمام بشكل آخر لا بالبحث عن مكانه وطلب زيارته وإقامة جسور الاتّصال به ؛ لكيلا يدلّوا الأعداء على محلّه ويعرّضونه للخطر مع زائريه.

وواضح من نصّ الحديث أنّه لايشتمل على أيّ إشارة إلى عدم إمكان الرؤة، بل يحتوي على نوع من الظهور في إمكانها ؛ لأنّه إذا لم يكن في الإمكان رؤته فلا معنى ليدلّوا عليه، ولايتوجّه ضرر نحوه.

إضافة إلى أنّ الحديث وقول النعمانيّ يقصدان اللقاءات الاختياريّة بعد جهود كثيرة، ولا يمكنها نفي الزيارات التصادفيّة أو التي يخطّط لها الإمام عليه‏السلام.

وإذا كان ظاهر هذا الحديث عامّاً، ولكنّه كالموارد الأُخرى يرصد الحالات العاديّة والوضع العامّ للناس والمجتمع، ولا تعارض فيه باستثناء بعض الأشخاص، وقد شمله تخصيص الحكم، فهناك توقيع وافق فيه الإمام عن طريق العَمريّ على طلب شخص باسم الزهريّ بأن يراه.۴

1.. چشم به راه مهدي بالفارسيّة: ص ۷۲.

2.. الغيبة للنعماني: ص ۱۶۰ح ۸.

3.. للاطّلاع على هذه الوظيفة للشيعة راجع: الكافي ج ۱ ص ۳۷۸، باب «ما يجب على النّاس عند مضيّ الإمام» .

4.. الغيبة للطوسيّ: ص ۲۷۱ ح ۲۳۶.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
398

كما توجد روايات مشابهة أُخرى توضّح بنوعٍ ما المرادَ من الأحاديث المذكورة، فالتشابه المضمونيّ والوحدة الموضوعيّة بين هذه الأحاديث تصل إلى درجة كبيرة بحيث يفسّر بجلاء بعضها بعضاً، فمثلاً أشرنا إلى حديث محمّد بن عثمان العَمريّ حول حضور الإمام عليه‏السلام في موسم الحجّ، وهو يشبه الحديث الذي أوردناه في بداية البحث عن إمكانيّة رؤة الإمام ولكنّه ينفي معرفته، ونصّ الحديث كما يلي:

وَاللّه‏ِ! إنَّ صاحِبَ هذَا الأمرِ لَيَحضُرُ المَوسِمَ كلَّ سَنَةٍ، يَرَى النّاسَ ويَعرِفُهُم، ويَرَونَهُ ولا يَعرِفونَهُ.۱

ووضع هذه الأحاديث إلى جانب بعضها يكشف عن نتيجة ساطعة هي: أنّ مراد المجموعة الأُولى ليس النفي المطلق للرؤة، بل نفي مقابلة الإمام مع معرفته.

وأحاديث المجموعة الثانية عامّة، ويمكن تخصيصها بأحاديث أُخرى أو أخبار مقبولة موثوقة، والتوصّل إلى نتيجة هي أنّ أشخاصاً معدودين فازوا ويفوزون بلقاء الإمام عليه‏السلام ومعرفته.

۳. توقيع أحمد بن خضر

وهو من الأحاديث التي استندوا إليها في إنكار الرؤة، إذ صدر توقيع للإمام المهديّ عليه‏السلام يخاطب به أحمد بن خضر ويلومه على طلبه وبحثه عن الإمام، جاء فيه:

مَن بَحَثَ فَقَد طَلَبَ، ومَن طَلَبَ فَقَد دَلَّ، ومَن دَلَّ فَقَد أشاطَ، ومَن أشاطَ فَقَد أشرَكَ.۲

لم يتناول هذا الحديث نفي الرؤة بنحوٍ مباشر، ولكن استفادوا عدمَ إمكان الرؤة ممّا اشتمل عليه من المنع. واعتبر بعض الباحثين قول النعمانيّ۳ مؤّداً لاستنتاجه بصدد

1.. راجع: ج ۲ ص ۳۶۹ ح ۶۲۰.

2.. كمال الدين: ص ۵۰۹ ح ۳۹ وراجع هذه الموسوعة: ص ۴۲ ح ۶۷۵ الغيبة للطوسي.

3.. يعدّ النعماني من أوائل العلماء الذين ألّفوا كتاباً في موضوع الغيبة.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12282
صفحه از 458
پرینت  ارسال به