397
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

مناسب بين الأحاديث الدالّة على إمكان وقوع الرؤة، والأخبار المتعارضة مع هذا التوقيع.۱

۲. أحاديث عدم التعرّف على الإمام عليه‏السلام

تدلّ أحاديث عديدة على أنّ الإمام المهديّ عليه‏السلام يرى الناس في عصر الغيبة وهم لايرونه، وهي كثيرة نذكر فيما يلي نموذجاً منها:

قال الإمام الصادق عليه‏السلام في حديث له:

لِلقائِمِ غَيبَتانِ، يَشهَدُ في إحداهُما المَواسِمَ؛ يَرَى النّاسَ ولا يَرَونَهُ.۲

الجواب: واضحٌ أنّ هذه الأحاديث لا تبيّن شيئاً غير الموضوع العامّ للغيبة، وهو حكم عامّ يمكن تخصيصه، ولاسيّما أنّ مصداق التخصيص قليل. وهنا أيضاً لايمكن لعموم الناس في عصر الغيبة زيارة الإمام، ولكنّ الرؤة التصادفيّة أو لقاءات الإمام التي يذهب فيها بنفسه لرؤة شخص معيّن، ليست قابلة للردّ بهذه العمومات، وفي حالة اعتبارها فهي كأيّ عامّ وخاصّ آخر، يمكن جمعهما مع بعضهما. إضافة إلى وجود أحاديث مشابهة تقول بإمكانيّة مشاهدة الإمام عليه‏السلام، وبأنّ الناس يرونه كما يرون يوسف عليه‏السلام ولكن لايعرفونه، ووفقاً لتعبير السيّد محمّد الصدر: إنّ شخص الإمام قابل للرؤة، ولكنّه مجهول الشخصيّة۳. وتشهد هذه الأحاديث بوضوح على إمكانية الرؤة ووقوعها، وكنموذج منها: قول الإمام الصادق عليه‏السلام في بيان أوجه الشبه بين الإمام المهديّ عليه‏السلام والأنبياء:

أمّا سُنَّتُهُ مِن يوسُفَ فَالسِّترُ؛ يَجعَلُ اللّه‏ُ بَينَهُ وبَينَ الخَلقِ حِجاباً يَرَونَهُ ولا يَعرِفونَهُ.۴

1.. راجع: ديدار در عصر غيبت بالفارسيّة: ص ۱۶۲ ـ ۱۷۰ للاطّلاع على أسمائهم وآرائهم والأجوبة وردّهاوإثبات كلّ منها.

2.. راجع: ج ۲ ص ۲۰۵ ح ۵۱۶.

3.. راجع: ديدار در عصر غيبت بالفارسيّة: ص ۲۰۱.

4.. راجع: ج ۶ ص ۱۲۰ ح ۱۶۹۵.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
396

الذي لا ينسجم أيضاً مع الغيبة الصغرى. وإذا لم تبعث هذه القرائن على انحصار الظهور بمعناه الاصطلاحيّ، فلا أقلّ توجِد احتمالاً راجحاً يضعضع أُسس الاستدلال الثاني.

ومن هنا يتّضح احتمال تفريع وسببيّة «الفاء» في «فلا ظهور» واحتمال المعنى اللغويّ للظهور، مرجوحان ولا دليل يُسعفهما ؛ من هنا فإنّ تفسير التوقيع بأنّ «الغيبة التامّة قد حلّت وأفضت إلى انقطاع الظهور والرؤة» ليس منحصرا والاستنتاج بأنّ «من يدّعي الرؤة فهو كاذب» ليس بصحيح.

والاحتمال الأقوى في معنى «الفاء» هو التعقيب، وفي كلمة «الظهور» اصطلاحها، فيصبح المعنى أنّ الغيبة تحقّقت، وبعدها لن يكون ظهور وقيام إلاّ بإذن اللّه‏.

إذن، فحصيلة التوقيع أنّ إمام العصر عليه‏السلام أمر في البداية السمريَّ ألاّ يعيّن بعده وصيّاً ونائباً، وعلّل ذلك في الفقرة الثانية بوقوع الغيبة التامّة أو الثانية، ثمّ قال بأنّ بعد هذه الغيبة لا ظهور ولا قيام إلاّ بإذن اللّه‏.

ب ـ العبارة الأخيرة

استدلّ بعض منكري الرؤة بالعبارة الأخيرة للتوقيع، وقالوا بأنّ هذه العبارة إمّا مستقلّة ومنفصلة، وإمّا تفريع على الجمل السابقة للحديث. وبناء عليه يعلن الإمام بأنّ الكذّابين الذين يدّعون رؤة الإمام موجودون، وعلى الشيعة أن يعتبروهم مفترين. والمدّعي يشمل من يثقّ بادّعائه، أو من يطرح ادّعاءً كاذباً، أو يعتقد أنّه حقّ.۱

الجواب: ادّعاء المشاهدة ـ استناداً إلى القرائن الجانبيّة وأجواء صدور التوقيع الناظرة إلى عدم تنصيب نائب خاصّ ـ يعني ادّعاء السفارة والنيابة والرؤة المنتظمة والمستمرّة، وهي تختلف تماماً عن الرؤة التصادفيّة غير المتوقّعة. وفهم هذا المعنى كثير من العلماء ؛ مثل العلاّمة المجلسيّ، والسيّد شبّر، والمحدّث النوريّ وغيرهم، واعتبروه وجه جمع

1.. المصدر السابق: ص ۴۸.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12067
صفحه از 458
پرینت  ارسال به