لا معنى لكمال الغيبة ونقصانها إلاّ ظهور الإمام لبعض الأشخاص أو عدم ظهوره، وإمكانيّة الظهور لبعض الأشخاص في الغيبة الصغرى، أمّا في الغيبة الكبرى فإنّه لن يتحقّق لأيّ أحد. ويُستنتج من هذه الناحية في الرواية أنّه لاظهور حتّى يأذن اللّه عز و جل. وتقييد الظهور بالإذن الإلهيّ إشارة إلى أنّ للغيبة الكاملة وعدم الظهور غاية ونهاية، وهي خروج وقيام القائم عليهالسلام.۱
وكتب بعض آخر ما يلى:
مع أنّ خواصّ أصحاب الإمام القائم عليهالسلام قد شاهدوه في الغيبة الصغرى، ولكنّ التوقيع ينفي الظهور والرؤة بنحوٍ كلّي، وجملة «فلا ظهور...» تقدّم هذا المعنى؛ لأنّ الظهور يعني البروز بعد الاختفاء، و «لا» نافية للجنس مع الاستثناء؛ فيكون المعنى ليس له أيّ ظهور، ولا يشاهده أحد إلاّ بإذن اللّه.۲
والجواب هو: إنّ الركيزة الأساسيّة للاستدلال الأوّل بُنيت على كلمة «التامّة»، في حين أنّها وردت في نسخة بدل، واحتوت أكثر النسخ على كلمة «الثانية»، وهذا يوهن أساس الاستدلال ؛ إذ أنّ كلمة «الثانية» لا يُستفاد منها معنى التماميّة.
وعلى فرض قبول النسخة وتماميّة الغيبة، نوجّه هذا السؤل: أيّ دليل يُثبت تحقّق ادّعاء نقصان الغيبة وتماميّتها بالرؤة وعدمها فقط؟ ولو قيل: تتحقّق تماميّة الغيبة بوجود السفير وعدمه، فلماذا لا نقبل قوله؟ وبخاصّة أنّ صدر الحديث يقصد نفي النيابة، و«الفاء» في «فقد وقعت الغيبة» للتعليل وليس للاستنتاج، حينئذٍ يكون الفرق بين الغيبتين وجود السفير ونائب الإمام، لا رؤة الإمام وعدمها.
كما فسّر الاستدلالان كلمة «الظهور» بمعناها اللغوي، في حين تدلّ القرائن على معناها الاصطلاحي ؛ لأنّ امتلاء الأرض بالظلم وطول زمان الغيبة وقساوة القلوب الواردة في التوقيع، من علامات الظهور الاصطلاحيّ وقيام إمام العصر عليهالسلام، لا الظهور بالمعنى اللغويّ