377
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

هنالك روضات الأزهار ومستنقعات في طريقنا، وكان الجمل يتخلّف دوماً بمسافة، وكنّا نواجه صلافة المكاريّ وغلاظته، حتّى صادفنا مكاناً كانت تكثر فيه الأزهار، فنام الجمل ولم يستيقظ رغم محاولاتنا، وتلوّثت ملابسي بالطين على إثر محاولتي لإنهاض الجمل، ولكنّ ذلك لم يُجدِ نفعاً، فاضطرّ المكاريّ للتوقّف كي أغسل ملابسي في الماء الذي كان هناك.
ابتعدت عنهم قليلاً لنزع ملابسي وغسلها، و كنت مضطرباً ومتحيّراً للغاية من عاقبة أمرنا، كما كان ذلك الوادي مليئاً بالمخاطر بسبب قطّاع الطرق، فاضطررت للاستغاثة بوليّ العصر أرواحنا فداه، ولم يكن أحد في الصحراء مهما مددنا البصر، وفجأة رأيت شابّاً وقد ظهر قربي، وكان يشبه السيّد مهدي نجل السيّد حسين الكربلائيّ (ولا أذكر هل قال إنّهما كانا شخصين، أم ذلك الشخص نفسه، كما لا أذكر أيّاً منّا بادر بالسلام)، فقلت: ما اسمك؟ فقال: السيّد مهدي، قلت: ابن السيّد حسين؟ قال: لا، ابن السيّد حسن، فقلت: من أين تأتي؟ قال: من الخضير (فقد كان في تلك الصحراء مقام باسم مقام الخضر عليه‏السلام)، فتصوّرت أنّه قال جئت من ذلك المقام، فقال: لماذا توقّفتم هنا؟ فحكيت له قصّة نوم الجمل وما تعرّضت له من مشاكل. فتوجّه إلى الجمل ووضع يده على رأسه، فنهض الجمل ووقف، وتحدّث الإمام عليه‏السلام معه، وكان يدلّ الجمل على الطريق بإصبع السبابة يميناً ويساراً، ثمّ جاء إليّ وقال: هل لك حاجة اخرى؟ فقلت: لي حاجات، ولكنّني لا أستطيع البوح بها الآن بسبب اضطرابي وقلقي، فحدّد لي مكاناً كي أعرضها عليك وقد جمعت أفكاري، فقال: مسجد السهلة. ثمّ غاب عن نظري فجأة.
فجئت إلى والدي وقلت: إلى أيّ جهة ذهب ذلك الشخص الذي كان يتحدّث معي؟ (وكنت اريد أن أعرف هل رأوه عليه‏السلام أم لا؟) فقالوا: لم يأت أحد إلى هنا، وكانت


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
376

۳ / ۴۵

الشيخ مُحمّدُ الشوشتريّ الكوفيُ۱

۸۵۵.آية اللّه‏ مرتضى الحائريّ اليزديّ: ومن الحوادث والقصص المسلّم بها الاُخرى حول اللقاء بالإمام الحجّة عليه‏السلام، قصّة الشيخ محمّد الكوفيّ، وقد نقلها إمام سدهي۲، الذي كان سيّداً بلغ الغاية في الصلاح والاستقامة، وأنا أعرفه كاملاً وكنت اعاشره، نقلها بخطّه عن الشيخ الكوفيّ نفسه، وهي كالتالي:
كان حضرة الشيخ محمّد الكوفيّ معروفاً بالزهد والتقوى والصلاح بين خواصّ العلماء وفضلاء النجف الأشرف، وملتزماً بزيارة النجف الأشرف في ليالي الجمعة وأيّامها، وكنت سمعت بقصّة تشرّفه بلقاء الإمام وليّ العصر (عجّل اللّه‏ فرجه) من بعض العلماء، ثمّ إنّني التقيت به في أحد أيّام الجمعة في مدرسة الصدر بالنجف الأشرف في حجرة أحد السادة من أصدقائي، والتمست منه أن ينقل لي قصّة تشرّفة بلسانه، وما بقي في ذاكرتي مضمون روايته، وهي كالتالي:
قال: تشرّفت مع أبي۳ إلى مكّة المكرّمة، ولم يكن معنا سوى جمل واحد كان يركبه أبي، وكنت أنا راجلاً وملازماً لخدمته، ومررنا خلال رجوعنا بمدينة السماوة، واستأجرنا بغلاً من أشخاص كانوا يعملون في نقل الجنائز بين السماوة والنجف لنركبه ونذهب إلى النجف، ولأنّ الجمل يسير ببط‏ء وكان ينام أحياناً، وكنّا ننهضه بصعوبة، فركب أبي البغل وركبت أنا الجمل، وانطلقنا من السماوة، و كانت

1.. الشيخ محمّد التستريّ ابن الشيخ محمّد الطاهر ، ساكن الكوفة .

2.. من خيرة العلماء ، وكان معروفا بالتقوى والسداد ، وكان محلّ ثقة مرجع الشيعة الكبير ومجدّة آثار أهل البيت عليهم‏السلام ، اُستاذنا الأعظم آية اللّه‏ البروجردي قدس‏سره ، لذلك أرسله إلى كرمانشاه لتأسيس الحوزة العلمية وافتتاح مدرسة تمّ بناؤها بأمره .

3.. الظاهرة أنّ هذه القصّة حدثت في سنة ۱۳۱۵ش .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12433
صفحه از 458
پرینت  ارسال به