هنالك روضات الأزهار ومستنقعات في طريقنا، وكان الجمل يتخلّف دوماً بمسافة، وكنّا نواجه صلافة المكاريّ وغلاظته، حتّى صادفنا مكاناً كانت تكثر فيه الأزهار، فنام الجمل ولم يستيقظ رغم محاولاتنا، وتلوّثت ملابسي بالطين على إثر محاولتي لإنهاض الجمل، ولكنّ ذلك لم يُجدِ نفعاً، فاضطرّ المكاريّ للتوقّف كي أغسل ملابسي في الماء الذي كان هناك.
ابتعدت عنهم قليلاً لنزع ملابسي وغسلها، و كنت مضطرباً ومتحيّراً للغاية من عاقبة أمرنا، كما كان ذلك الوادي مليئاً بالمخاطر بسبب قطّاع الطرق، فاضطررت للاستغاثة بوليّ العصر أرواحنا فداه، ولم يكن أحد في الصحراء مهما مددنا البصر، وفجأة رأيت شابّاً وقد ظهر قربي، وكان يشبه السيّد مهدي نجل السيّد حسين الكربلائيّ (ولا أذكر هل قال إنّهما كانا شخصين، أم ذلك الشخص نفسه، كما لا أذكر أيّاً منّا بادر بالسلام)، فقلت: ما اسمك؟ فقال: السيّد مهدي، قلت: ابن السيّد حسين؟ قال: لا، ابن السيّد حسن، فقلت: من أين تأتي؟ قال: من الخضير (فقد كان في تلك الصحراء مقام باسم مقام الخضر عليهالسلام)، فتصوّرت أنّه قال جئت من ذلك المقام، فقال: لماذا توقّفتم هنا؟ فحكيت له قصّة نوم الجمل وما تعرّضت له من مشاكل. فتوجّه إلى الجمل ووضع يده على رأسه، فنهض الجمل ووقف، وتحدّث الإمام عليهالسلام معه، وكان يدلّ الجمل على الطريق بإصبع السبابة يميناً ويساراً، ثمّ جاء إليّ وقال: هل لك حاجة اخرى؟ فقلت: لي حاجات، ولكنّني لا أستطيع البوح بها الآن بسبب اضطرابي وقلقي، فحدّد لي مكاناً كي أعرضها عليك وقد جمعت أفكاري، فقال: مسجد السهلة. ثمّ غاب عن نظري فجأة.
فجئت إلى والدي وقلت: إلى أيّ جهة ذهب ذلك الشخص الذي كان يتحدّث معي؟ (وكنت اريد أن أعرف هل رأوه عليهالسلام أم لا؟) فقالوا: لم يأت أحد إلى هنا، وكانت