361
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

ثمّ إنّي خرجت عشية يوم الثلاثاء ماشياً على عادتي وكان الزمان شتاء، وكانت تلك العشيّة مظلمة جدّاً ؛ لتراكم الغيوم مع قليل مطر، فتوجّهت إلى المسجد وأنا مطمئنّ بمجيء الناس على العادة المستمرّة، حتّى وصلت إلى المسجد وقد غربت الشمس واشتدّ الظلام وكثر الرعد والبرق، فاشتدّ بي الخوف وأخذني الرعب من الوحدة ؛ لأنّي لم أصادف في المسجد الشريف أحداً أصلاً، حتّى إنّ الخادم المقرّر للمجيء ليلة الأربعاء لم يجئ تلك الليلة. فاستوحشت لذلك للغاية وقلت في نفسي: ينبغي أن اصلّي المغرب وأعمل عمل الاستجارة عجالة، وأمضي إلى مسجد الكوفة، فصبّرت نفسي، وقمت إلى صلاة المغرب فصلّيتها، ثمّ توجّهت لعمل الاستجارة وصلاتها ودعائها، وكنت أحفظه.
فبينما أنا في صلاة الاستجارة، إذ حانت منّي التفاتة إلى المقام الشريف المعروف بمقام صاحب الزمان عليه‏السلام، وهو في قبلة مكان مصلاّي، فرأيت فيه ضياءً كاملاً، وسمعت فيه قراءة مصلّ، فطابت نفسي، وحصل كمال الأمن والاطمئنان، وظننت أنّ في المقام الشريف بعض الزوّار، وأنا لم أطّلع عليهم وقت قدومي إلى المسجد، فأكملت عمل الاستجارة وأنا مطمئنّ القلب.
ثمّ توجّهت نحو المقام الشريف ودخلته، فرأيت فيه ضياءً عظيماً، لكنّي لم أر بعيني سراجاً، ولكنّي في غفلة عن التفكّر في ذلك، ورأيت فيه سيّداً جليلاً مهاباً بصورة أهل العلم، وهو قائم يصلّي، فارتاحت نفسي إليه، وأنا أظنّ أنّه من الزوّار الغرباء ؛ لأنّي تأمّلته في الجملة فعلمت أنّه من سكنة النجف الأشرف. فشرعت في زيارة مولانا الحجّة سلام اللّه‏ عليه عملاً بوظيفة المقام، وصلّيت صلاة الزيارة، فلمّا فرغت أردت اكلّمه في المضيّ إلى مسجد الكوفة، فهبته وأكبرته، وأنا أنظر إلى خارج المقام، فأرى شدّة الظلام وأسمع صوت الرعد والمطر، فالتفت إليّ بوجهه


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
360

بعد المئتين والألف من الهجرة النبوية، كنت أسمع جماعة من أهل العلم وغيرهم من أهل الديانة، يصفون رجلاً يبيع البقل وشبهه أنّه رأى مولانا الإمام المنتظر سلام اللّه‏ عليه، فطلبت معرفة شخصه حتّى عرفته، فوجدته رجلاً صالحاً متديّناً، وكنت احبّ الاجتماع معه في مكان خال ؛ لأستفهم منه كيفيّة رؤيته مولانا الحجّة روحي فداه، فصرت كثيراً ما اسلّم عليه وأشتري منه ممّا يتعاطى ببيعه، حتّى صار بيني وبينه نوع مودّة، كلّ ذلك مقدّمة لتعرّف خبره المرغوب في سماعه عندي، حتّى اتّفق لي أنّي توجّهت إلى مسجد السهلة للاستجارة فيه والصلاة والدعاء في مقاماته الشريفة ليلة الأربعاء.
فلمّا وصلت إلى باب المسجد، رأيت الرجل المذكور على الباب، فاغتنمت الفرصة وكلّفته المقام معي تلك الليلة، فأقام معي حتّى فرغنا من العمل الموظّف في مسجد سهيل، وتوجّهنا إلى المسجد الأعظم مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة في ذلك الزمان، حيث لم يكن في مسجد السهلة معظم الإضافات الجديدة من الخدّام والمساكن. فلمّا وصلنا إلى المسجد الشريف واستقرّ بنا المقام، وعملنا بعض الأعمال الموظّفة فيه، سألته عن خبره والتمست منه أن يحدّثني بالقصّة تفصيلاً، فقال ما معناه:
إنّي كنت كثيراً ما أسمع من أهل المعرفة والديانة أنّ من لازم عمل الاستجارة في مسجد السهلة أربعين ليلة أربعاء متوالية بنية رؤية الإمام المنتظر عليه‏السلام، وفّق لرؤيته، وأنّ ذلك قد جرّبت مراراً، فاشتاقت نفسي إلى ذلك، ونويت ملازمة عمل الاستجارة في كلّ ليلة أربعاء، ولم يمنعني من ذلك شدّة حرّ ولا برد، ولا مطر ولا غير ذلك، حتّى مضى لي ما يقرب من مدّة سنة وأنا ملازم لعمل الاستجارة وأبات في مسجد الكوفة على القاعدة المتعارفة.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12505
صفحه از 458
پرینت  ارسال به