325
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

اسمي ومن أين جئت، فعرّفتهم، فاجتمعوا عليّ ومزّقوا ثيابي، ولم يبق لي في روحي حكمٌ، وكان ناظر بين النّهرين كتب إلى بغداد وعرّفهم الحال. ثمّ حملوني إلى بغداد، وازدحم النّاس عليّ وكادوا يقتلونني من كثرة الزّحام، وكان الوزير القمّيّ قد طلب السعيد رضيّ الدّين رحمه اللّه‏، وتقدّم أن يعرّفه صحّة هذا الخبر.
قال: فخرج رضيّ الدين ومعه جماعةٌ، فوافينا باب النّوبيّ، فردّ أصحابه النّاس عنّي، فلمّا رآني قال: أعنك يقولون ؟! قلت: نعم. فنزل عن دابّته وكشف عن فخذي، فلم ير شيئاً، فغشي عليه ساعةً، وأخذ بيدي وأدخلني على الوزير وهو يبكي ويقول: يا مولانا، هذا أخي وأقرب النّاس إلى قلبي. فسألني الوزير عن القصّة فحكيت له، فأحضر الأطبّاء الّذين أشرفوا عليها وأمرهم بمداواتها، فقالوا: ما دواؤا إلاَّ القطع بالحديد ومتى قطعها مات، فقال لهم الوزير: فبتقدير أن تقطع ولا يموت، في كم تبرا؟ فقالوا في شهرين ويبقى في مكانها حفيرةٌ بيضاء لا ينبت فيها شعرٌ، فسألهم الوزير متى رأيتموه؟ قالوا: منذ عشرة أيّام.
فكشف الوزير عن الفخذ الّذي كان فيه الألم، وهي مثل اختها ليس فيها أثرٌ أصلاً، فصاح أحد الحكماء: هذا عمل المسيح، فقال الوزير: حيث لم يكن عملكم، فنحن نعرف من عملها.
ثمّ إنّه احضر عند الخليفة المستنصر، فسأله عن القصّة فعرّفه بها كما جرى، فتقدّم له بألف دينار، فلمّا حضرت قال: خذ هذه فأنفقها، فقال: ما أجسر آخذ منه حبّةً واحدةً، فقال الخليفة: ممّن تخاف؟ فقال: من الّذي فعل معي هذا، قال: لا تأخذ من أبي جعفر شيئاً، فبكى الخليفة وتكدّر، وخرج من عنده ولم يأخذ شيئاً.
قال أفقر عباد اللّه‏ تعالى إلى رحمته عليّ بن عيسى عفا اللّه‏ عنه: كنت في بعض الأيّام أحكي هذه القصّة لجماعة عندي، وكان هذا شمس الدّين محمّدٌ ولده عندي


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
324

المصلحة رجوعك، فأعدت عليه مثل القول الأوّل، فقال الشيخ: يا إسماعيل! ما تستحيي؟ يقول لك الإمام مرّتين ارجع وتخالفه؟ فجبّهني بهذا القول فوقفت، فتقدّم خطوات والتفت إليّ وقال: إذا وصلت ببغداد فلا بدّ أن يطلبك أبو جعفر ـ يعني الخليفة المستنصر ـ فإذا حضرت عنده وأعطاك شيئاً فلا تأخذه، وقل لولدنا الرّضيّ ليكتب لك إلى عليّ بن عوض، فإنّني اوصيه يعطيك الّذي تريد.
ثمّ سار وأصحابه معه، فلم أزل قائماً أبصرهم الى أن غابوا عنّي، وحصل عندي أسفٌ لمفارقته، فقعدت إلى الأرض ساعةً ثمّ مشيت إلى المشهد، فاجتمع القوّام حولي وقالوا: نرى وجهك متغيّراً، أأوجعك شيءٌ ؟ قلت: لا، قالوا: أخاصمك أحدٌ ؟ قلت: لا، ليس عندي ممّا تقولون خبرٌ، لكن أسأ لكم هل عرفتم الفرسان الّذين كانوا عندكم؟ فقالوا: هم من الشرفاء أرباب الغنم، فقلت: لا، بل هو الإمام عليه‏السلام، فقالوا: الإمام هو الشيخ أو صاحب الفرجيّة؟ فقلت: هو صاحب الفرجيّة، فقالوا: أريته المرض الّذي فيك ؟ فقلت: هو قبضه بيده وأوجعني، ثمّ كشفت رجلي فلم أر لذلك المرض أثراً، فتداخلني الشكّ من الدهش، فأخرجت رجلي الاُخرى فلم أر شيئاً، فانطبق النّاس عليّ ومزّقوا قميصي، فأدخلني القوّام خزانةً ومنعوا النّاس عنّي.
وكان ناظراً بين النّهرين بالمشهد، فسمع الضّجّة وسأل عن الخبر، فعرّفوه، فجاء إلى الخزانة وسألني عن اسمي، وسألني منذ كم خرجت من بغداد؟ فعرّفته أنّي خرجت في أوّل الاسبوع، فمشى عنّي، وبتّ في المشهد وصلّيت الصبح، وخرجت وخرج النّاس معي إلى أن بعدت عن المشهد ورجعوا عنّي.
ووصلت إلى أوانا، فبتّ بها، وبكّرت منها اريد بغداد، فرأيت النّاس مزدحمين على القنطرة العتيقة يسألون من ورد عليهم عن اسمه ونسبه وأين كان، فسألوني عن

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12480
صفحه از 458
پرینت  ارسال به