323
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

ذلك، فترك ثيابه ونفقته عند السعيد رضيّ الدّين وتوجّه.
قال: فلمّا دخلت المشهد وزرت الأئمّة عليهم‏السلام ونزلت السّرداب واستغثت باللّه‏ تعالى وبالإمام عليه‏السلام، وقضيت بعض اللّيل في السّرداب، وبقيت في المشهد إلى الخميس، ثمّ مضيت إلى دجلة واغتسلت ولبست ثوباً نظيفاً، وملَأت إبريقاً كان معي وصعدت اريد المشهد، فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور، وكان حول المشهد قومٌ من الشرفاء يرعون أغنامهم فحسبتهم منهم، فالتقينا فرأيت شابّين أحدهما عبدٌ مخطوطٌ، وكلّ واحد منهم متغلّلٌ بسيف، وشيخاً منقّباً بيده رمحٌ، والآخر متقلّدٌ بسيف وعليه فرجيّةٌ ملوّنةٌ فوق السيف وهو متحنّكٌ بعذبته.
فوقف الشيخ صاحب الرّمح يمين الطّريق ووضع كعب [رمحه۱] في الأرض، ووقف الشابّان عن يسار الطّريق، وبقي صاحب الفرجيّة على الطّريق مقابل والدي، ثمّ سلّموا عليه فردّ عليهم السلام، فقال له صاحب الفرجيّة: أنت غداً تروح إلى أهلك ؟ فقال له: نعم، فقال له: تقدّم حتّى أبصر ما يوجعك. قال: فكرهت ملامستهم وقلت في نفسي: أهل البادية ما يكادون يحترزون من النّجاسة، وأنا قد خرجت من الماء وقميصي مبلولٌ!
ثمّ إنّي مع ذلك تقدّمت إليه، فلزمني بيدي ومدّني إليه، وجعل يلمس جانبي من كتفي إلى أن أصابت يده التّوثة، فعصرها بيده فأوجعني، ثمّ استوى في سرجه كما كان، فقال لي الشيخ: أفلحت يا إسماعيل! فعجبت من معرفته باسمي، فقلت: أفلحنا وأفلحتم إن شاء اللّه‏.
قال: فقال لي الشيخ: هذا هو الإمام. قال: فتقدّمت إليه فاحتضنته وقبّلت فخذه، ثمّ إنّه ساق وأنا أمشي معه محتضنه، فقال: ارجع، فقلت: لا افارقك أبداً، فقال:

1.. ما بين المعقوفين أثبتناه من بقيّة المصادر .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
322

وحدّثني بهما جماعةٌ من ثقات إخواني. كان في البلاد الحلّيّة شخصٌ يقال له إسماعيل بن الحسن الهرقليّ، من قرية يقال لها: هرقل۱، مات في زماني وما رأيته، حكى لي ولده شمس الدّين قال:
حكى لي والدي أنّه خرج فيه ـ وهو شابٌّ ـ على فخذه الأيسر توثةٌ مقدار قبضة الإنسان، وكانت في كلّ ربيع تتشقّق ويخرج منها دمٌ وقيحٌ، ويقطعه ألمها عن كثير من أشغاله، وكان مقيماً بهرقل، فحضر الحلّة يوماً ودخل إلى مجلس السعيد رضيّ الدّين عليّ بن طاووس رحمه‏الله، وشكا إليه ما يجده منها وقال: اريد أن اداويها.
فأحضر له أطبّاء الحلّة وأراهم الموضع، فقالوا: هذه التّوثة فوق العرق الأكحل وعلاجها خطرٌ، ومتى قطعت خيف أن ينقطع العرق فيموت. فقال له السعيد رضيّ الدّين قدّس اللّه‏ روحه: أنا متوجّهٌ إلى بغداد، وربّما كان أطبّاؤا أعرف وأحذق من هؤاء، فاصحبني، فأصعد۲ معه وأحضر الأطبّاء، فقالوا كما قال اولئك، فضاق صدره.
فقال له السعيد: إنّ الشرع قد فسح لك في الصلاة في هذه الثّياب، وعليك الاجتهاد في الاحتراس ولا تغرّر بنفسك، فاللّه‏ تعالى قد نهى عن ذلك ورسوله.
فقال له والدي: إذا كان الأمر على ذلك وقد وصلت إلى بغداد، فأتوجّه إلى زيارة المشهد الشريف بسرّ من رأى على مشرّفه السلام، ثمّ أنحدر إلى أهلي. فحسّن له

1.. هرقل : قرية مشهورة من بلد الحلّة .

2.. أصعد من بلد كذا إلى بلد كذا : إذا سافر من بلد سُفلى إلى بلد عُليا المصباح المنير : ص ۳۴۰ «صعد» .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12511
صفحه از 458
پرینت  ارسال به