291
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

معك. وكان جرى بيني وبين الّذين معي في الدار عنتٌ في الدّين، فسعوا بي حتّى هربت واستترت بذلك السبب، فوقفت على أنّها عنت اولئك، فقلت لها: ما تكونين أنت من الرّضا ؟ فقالت: كنت خادمةً للحسن بن عليّ عليه‏السلام.
فلمّا استيقنت ذلك قلت: لَأَسأَلنّها عَن الغائب عليه‏السلام، فَقلت: باللّه‏ عليك، رأيته بعينك؟ فقالت: يا أخي لم أره بعيني، فإنّي خرجت واختي حبلى، وبشّرني الحسن بن عليّ عليه‏السلام بأنّي سوف أراه في آخر عمري، وقال لي: تكونين له كما كنت لي. وأنا اليوم منذ كذا بمصر، وإنّما قدمت الآن بكتابة ونفقة وجّه بها إليّ على يدي رجل من أهل خراسان لا يفصح بالعربيّة، وهي ثلاثون ديناراً، وأمرني أن أحجّ سنتي هذه، فخرجت رغبةً منّي في أن أراه.۱
فوقع في قلبي أنّ الرّجل الّذي كنت أراه هو هو، فأخذت عشرة دراهم صحاحاً فيها ستّةٌ رضويّةٌ من ضرب الرّضا عليه‏السلام قد كنت خبأتها لاِلقِيها في مقامِ إبراهِيم عليه‏السلام، وكنت نذرت ونويت ذلك، فدفعتها إليها وقلت في نفسي: أدفعها إلى قوم من ولد فاطمة عليه‏السلام أفضل ممّا القيها في المقام وأعظم ثواباً، فقلت لها: ادفعي هذه الدراهم إلى من يستحقّها من ولد فاطمة عليهاالسلام، وكان في نيّتي أنّ الّذي رأيته هو الرّجل وإنّما تدفعها إليه.
فأخذت الدراهم وصعدت، وبقيت ساعةً، ثمّ نزلت فقالت: يقول لك ليس لنا فيها حقٌّ، اجعلها في الموضع الّذي نويت، ولكن هذه الرّضويّة خذ منّا بدلها وألقها في الموضع الّذي نويت. ففعلت وقلت في نفسي: الّذي امرت به عن الرّجل.
ثمّ كان معي نسخة توقيع خرج إلى القاسم بن العلاء بأذربيجان، فقلت لها: تعرضين هذه النّسخة على إنسان قد رأى توقيعات الغائب؟

1.. إلى هنا ينتهي كلام المرأة العجوز .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
290

فتحه من أهل الدار، ورأيت رجلاً ربعةً أسمر إلى الصفرة ما هو قليل اللّحم، في وجهه سجّادةٌ، عليه قميصان وإزارٌ رقيقٌ قد تقنّع به، وفي رجله نعلٌ طاقٌ، فصعد إلى الغرفة في الدار حيث كانت العجوز تسكن، وكانت تقول لنا: إنّ في الغرفة ابنة لا تدع أحداً يصعد إليها.
فكنت أرى الضّوء الّذي رأيته يضيء في الرّواق على الدرجة عند صعود الرّجل إلى الغرفة الّتي يصعدها، ثمّ أراه في الغرفة من غير أن أرى السّراج بعينه، وكان الّذين معي يرون مثل ما أرى، فتوهّموا أن يكون هذا الرّجل يختلف إلى ابنة العجوز وأن يكون قد تمتّع بها، فقالوا: هؤاء العلويّة يرون المتعة، وهذا حرامٌ لا يحلّ فيما زعموا. وكنّا نراه يدخل ويخرج ونجيء إلى الباب وإذا الحجر على حاله الّذي تركناه، وكنّا نغلق هذا الباب خوفاً على متاعنا، وكنّا لا نرى أحداً يفتحه ولا يغلقه، و الرّجل يدخل ويخرج والحجر خلف الباب إلى وقت ننحّيه إذا خرجنا.
فلمّا رأيت هذه الأسباب ضرب على قلبي ووقعت في قلبي فتنةٌ، فتلطّفت العجوز وأحببت أن أقف على خبر الرّجل، فقلت لها: يا فلانة، إنّي احبّ أن أسألك وافاوضك من غير حضور من معي، فلا أقدر عليه، فأنا احبّ إذا رأيتني في الدار وحدي أن تنزلي إليّ لِأسألكِ عن أمر. فقالت لي مسرعةً: وأنا اريد أن اسرّ إليك شيئاً فلم يتهيّأ لي ذلك من أجل من معك، فقلت: ما أردت أن تقولي ؟
فقالت: يقول لك ـ ولم تذكر أحداً ـ: لا تحاشن۱ أصحابك وشركاءك ولا تلاحهم، فإنّهم أعداؤ، ودارهم. فقلت لها: من يقول ؟ فقالت: أنا أقول. فلم أجسر ـ لما دخل قلبي من الهيبة ـ أن اراجعها، فقلت: أيّ أصحابي تعنين؟ فظننت أنّها تعني رفقائي الّذين كانوا حجّاجاً معي، قالت: شركاءك الّذين في بلدك وفي الدار

1.. المحاشنة : السباب (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۲۱۴ «حشن») .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12507
صفحه از 458
پرینت  ارسال به