29
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

السَّبَبَ بَينَهُ وبَينَ خَلقِهِ، كَلاّ ما كانَ ذلِكَ ولا يَكونُ، حَتّى تَقومَ السّاعَةُ ويَظهَرَ أمرُ اللّه‏ِ عز و جل وهُم كارِهونَ.
يا مُحَمَّدَ بنَ إبراهيمَ، لا يَدخُلكَ الشَّكُّ فيما قَدِمتَ لَهُ، فَإِنَّ اللّه‏َ عز و جل لا يُخلِي الأَرضَ مِن حُجَّةٍ، ألَيسَ قالَ لَكَ أبوكَ قَبلَ وَفاتِهِ: أحضِرِ السّاعَةَ مَن يُعَيِّرُ هذِهِ الدَّنانيرَ الَّتي عِندي، فَلَمّا اُبطِئَ ذلِكَ عَلَيهِ وخافَ الشَّيخُ عَلى نَفسِهِ الوَحا۱، قالَ لَكَ: عَيِّرها عَلى نَفسِكَ، وأَخرَجَ إلَيكَ كيسا كَبيرا وعِندَكَ بِالحَضرَةِ ثَلاثَةُ أكياسٍ وصُرَّةٌ فيها دَنانيرُ مُختَلِفَةُ النَّقدِ، فَعَيَّرتَها وخَتَمَ الشَّيخُ بِخاتَمِهِ وقالَ لَكَ: اِختِم مَعَ خاتَمي، فَإِن أعِش فَأَنَا أحَقُّ بِها، وإن أمُت فَاتَّقِ اللّه‏َ في نَفسِكَ أوَّلاً، ثُمَّ فِيَّ، فَخَلِّصني وكُن عِندَ ظَنّي بِكَ ؟
أخرِج ـ رَحِمَكَ اللّه‏ُ ـ الدَّنانيرَ الَّتِي استَفضَلتَها مِن بَينِ النَّقدَينِ مِن حِسابِنا وهِيَ بِضعَةَ عَشَرَ دينارا۲، وَاستَرِدَّ مِن قِبَلِكَ ؛ فَإِنَّ الزَّمانَ أصعَبُ مِمّا كانَ، وحَسبُنَا اللّه‏ُ ونِعمَ الوَكيلُ».
قالَ مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ: وقَدِمتُ العَسكَرَ زائِرا فَقَصَدتُ النّاحِيَةَ، فَلَقِيَتنِي امرَأَةٌ وقالَت: أنتَ مُحَمَّدُ بنُ إبراهيمَ ؟ فَقُلتُ: نَعَم، فَقالَت لي: اِنصَرِف، فَإِنَّكَ لا تَصِلُ في هذَا الوَقتِ، وَارجِعِ اللَّيلَةَ فَإِنَّ البابَ مَفتوحٌ لَكَ، فَادخُلِ الدّارَ وَاقصِدِ البَيتَ الَّذي فيهِ السِّراجُ.
فَفَعَلتُ وقَصَدَتُ البابَ فَإِذا هُوَ مَفتوحٌ، فَدَخَلتُ الدّارَ وقَصَدتُ البَيتَ الَّذي وَصَفَتهُ، فَبَينا أنَا بَينَ القَبرَينِ أنتَحِبُ وأَبكي، إذ سَمِعتُ صَوتا وهُوَ يَقولُ: يا مُحَمَّدُ، اِتَّقِ اللّه‏َ وتُب مِن كُلِّ ما أنتَ عَلَيهِ، فَقَد قُلِّدتَ أمرا عظيما.۳

1.. الوَحا : بالمدّ والقصر : أي السرعة ـ في الموت ـ مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۹۱۸ «وحى» .

2.. في دلائل الإمامة إلى «دينارا» .

3.. كمال الدين : ص ۴۸۶ ح ۸ ، دلائل الإمامة : ص ۵۲۶ ح ۴۹۹ ، الخرائج و الجرائح : ج ۳ ص ۱۱۱۶ ح ۳۱ و ص ۱۱۱۷ ح ۳۲ ، بحار الأنوار : ج ۵۳ ص ۱۸۵ ح ۱۶ .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
28

نورا ساطِعا، وشِهابا لامِعا، وقَمَرا زاهِرا.
ثُمَّ اختارَ اللّه‏ُ عز و جل لَهُ ما عِندَهُ، فَمَضى عَلى مِنهاجِ آبائِهِ عليهم‏السلام حَذوَ النَّعلِ بِالنَّعلِ، عَلى عَهدٍ عَهِدَهُ، ووَصِيَّةٍ أوصى بِها إلى وَصِيٍّ سَتَرَهُ اللّه‏ُ عز و جل بِأَمرِهِ إلى غايَةٍ، وأَخفى مَكانَهُ بِمَشيئَتِهِ لِلقَضاءِ السّابِقِ وَالقَدَرِ النّافِذِ، وفينا مَوضِعُهُ ولَنا فَضلُهُ، ولو قَد أذِنَ اللّه‏ُ عز و جل فيما قَد مَنَعَهُ عَنهُ، وأَزالَ عَنهُ ما قَد جَرى بِهِ مِن حُكمِهِ، لَأَراهُمُ الحَقَّ ظاهِرا بِأَحسَنِ حِليَةٍ، وأَبيَنِ دَلالَةٍ، وأَوضَحِ عَلامَةٍ، ولَأَبانَ عَن نَفسِهِ وقامَ بِحُجَّتِهِ.
ولكِنَّ أقدارَ اللّه‏ِ عز و جل لا تُغالَبُ، وإرادَتَهُ لا تُرَدُّ، وتَوفيقَهُ لا يُسبَقُ، فَليَدَعوا عَنهُمُ اتِّباعَ الهَوى، وَليُقيموا عَلى أصلِهِمُ الَّذي كانوا عَلَيهِ، ولا يَبحَثوا عَمّا سَتَرَ عَنهُم فَيَأثَموا، ولا يَكشِفوا سِترَ اللّه‏ِ عز و جل فَيَندَموا، وَليَعلَموا أنَّ الحَقَّ مَعَنا وفينا لا يَقولُ ذلِكَ سِوانا إلاّ كَذّابٌ مُفتَرٍ، ولا يَدَّعيهِ غَيرُنا إلاّ ضالٌّ غَوِيٌّ، فَليَقتَصِروا مِنّا عَلى هذِهِ الجُملَةِ دونَ التَّفسيرِ، ويَقنَعوا مِن ذلِكَ بِالتَعريضِ دونَ التَّصريحِ إن شاءَ اللّه‏ُ».۱

۶۶۱.كمال الدين: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ رضى‏الله‏عنه، عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّه‏ِ، عَن عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ الرّازِيِّ المَعروفِ بِعَلاّنٍ الكُلَينِيِ، قالَ: حَدَّثَني مُحَمَّدُ بنُ جَبرَئيلَ الأَهوازِيُّ، عَن إبراهيمَ ومُحَمَّدٍ ابنَيِ الفَرَجِ، عَن مُحَمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ مَهزِيارَ: أنَّهُ وَرَدَ العِراقَ شاكّا مُرتادا۲ فَخَرَجَ إلَيهِ:
«قُل لِلمَهزِيارِيِّ: قَد فَهِمنا ما حَكَيتَهُ عَن مَوالينا بِناحِيَتِكُم، فَقُل لَهُم: أما سَمِعتُمُ اللّه‏َ عز و جل يَقولُ: «يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنكُمْ»، هَل أمرٌ إلاّ بِما هُوَ كائِنٌ إلى يَومِ القِيامَةِ ؟ ألَم تَرَوا أنَّ اللّه‏َ عز و جل جَعَلَ لَكُم مَعاقِلَ تَأوونَ إلَيها، وأَعلاما تَهتَدونَ بِها مِن لَدُن آدَمَ عليه‏السلام إلى أن ظَهَرَ الماضي أبو مُحَمَّدٍ عليه‏السلام ؟ كُلَّما غابَ عَلَمٌ بَدا عَلَمٌ، وإذا أفَلَ نَجمٌ طَلَعَ نَجمٌ، فَلَمّا قَبَضَهُ اللّه‏ُ إلَيهِ ظَنَنتُم أنَّ اللّه‏َ عز و جل قَد قَطَعَ

1.. كمال الدين : ص ۵۱۰ ح ۴۲ ، بحار الأنوار : ج ۵۳ ص ۱۹۰ ح ۱۹ .

2.. في دلائل الإمامة والخرائج والجرائح : «مرتابا» بدل «مرتادا» .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12189
صفحه از 458
پرینت  ارسال به