امرت بما خاطبتك به، وقد أدركت خيراً كثيراً فطب نفساً وازدد من الشكر للّهِِ عز و جل ما أدركت وعاينت. ما فعل فلانٌ؟ وسمّى بعض إخواني المستبصرين، فقلت: ببرقة۱، فقال: صدقت، ففلانٌ؟ وسمّى رفيقاً لي مجتهداً في العبادة مستبصراً في الدّيانة، فقلت: بالإسكندريّة۲، حتّى سمّى لي عدّةً من إخواني، ثمّ ذكر اسماً غريباً فقال: ما فعل نقفور؟ قلت: لا أعرفه، فقال: كيف تعرفه وهو روميٌّ، فيهديه اللّه فيخرج ناصراً من قسطنطينيّة۳؟ ثمّ سألني عن رجل آخر، فقلت: لا أعرفه، فقال: هذا رجلٌ من أهل هيت۴ من أنصار مولاي عليهالسلام. امض إلى أصحابك فقل لهم: نرجو أن يكون قد أذن اللّه في الانتصار للمستضعفين وفي الانتقام من الظّالمين، ولقد لقيت جماعةً من أصحابي وأدّيت إليهم وأبلغتهم ما حمّلت وأنا منصرفٌ، واشير عليك أن لا تتلبّس بما يثقل به ظهرك ويتعب به جسمك، وأن تحبس نفسك على طاعة ربّك، فإنّ الأمر قريبٌ إن شاء اللّه تعالى.
فأمرت خازني فأحضر لي خمسين ديناراً، وسألته قبولها، فقال: يا أخي، قد حرّم اللّه عليّ أن آخذ منك ما أنا مستغن عنه، كما أحلّ لي أن آخذ منك الشيء إذا احتجت إليه.
فقلت له: هل سمع هذا الكلام منك أحدٌ غيري من أصحاب السلطان ؟ فقال: نعم، (أخوك) أحمد بن الحسين الهمدانيّ المدفوع عن نعمته بأذربيجان، وقد استأذن
1.. برقة : اسم صقع كبير يشتمل على مدن و قرى بين الإسكندريّة و أفريقية ، و اسم مدينتها : انطابلس ، وأيضاً من قرى قم ، و برقة حور محلّة أو قرية مقابل مدينة واسط في العراق معجم البلدان : ج ۱ ص ۳۸۸ .
2.. الإسكندرية : ميناء مهمّ وثاني مدينة كبيرة في مصر ، اشتق اسمها من الإسكندر المقدوني .
3.. القسطنطنيّة : عاصمة إمبراطورية الروم الشرقية والعثمانية ، فتحت على يد السلطان العثماني محمّد الفاتح في سنة ۱۴۵۳ م ، وانتهى بذلك عمر الإمبراطورية البيزنطيّة ، الذي امتدّ ألف عام . ثمّ سُمّيت بعد ذلك «إسلامبول» وحديثا تُعرف بإصطنبول .
4.. هِيْت : بلدة في العراق على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار راجع : معجم البلدان : ج ۵ ص ۴۲۱ .