285
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

امرت بما خاطبتك به، وقد أدركت خيراً كثيراً فطب نفساً وازدد من الشكر للّه‏ِِ عز و جل ما أدركت وعاينت. ما فعل فلانٌ؟ وسمّى بعض إخواني المستبصرين، فقلت: ببرقة۱، فقال: صدقت، ففلانٌ؟ وسمّى رفيقاً لي مجتهداً في العبادة مستبصراً في الدّيانة، فقلت: بالإسكندريّة۲، حتّى سمّى لي عدّةً من إخواني، ثمّ ذكر اسماً غريباً فقال: ما فعل نقفور؟ قلت: لا أعرفه، فقال: كيف تعرفه وهو روميٌّ، فيهديه اللّه‏ فيخرج ناصراً من قسطنطينيّة۳؟ ثمّ سألني عن رجل آخر، فقلت: لا أعرفه، فقال: هذا رجلٌ من أهل هيت۴ من أنصار مولاي عليه‏السلام. امض إلى أصحابك فقل لهم: نرجو أن يكون قد أذن اللّه‏ في الانتصار للمستضعفين وفي الانتقام من الظّالمين، ولقد لقيت جماعةً من أصحابي وأدّيت إليهم وأبلغتهم ما حمّلت وأنا منصرفٌ، واشير عليك أن لا تتلبّس بما يثقل به ظهرك ويتعب به جسمك، وأن تحبس نفسك على طاعة ربّك، فإنّ الأمر قريبٌ إن شاء اللّه‏ تعالى.
فأمرت خازني فأحضر لي خمسين ديناراً، وسألته قبولها، فقال: يا أخي، قد حرّم اللّه‏ عليّ أن آخذ منك ما أنا مستغن عنه، كما أحلّ لي أن آخذ منك الشيء إذا احتجت إليه.
فقلت له: هل سمع هذا الكلام منك أحدٌ غيري من أصحاب السلطان ؟ فقال: نعم، (أخوك) أحمد بن الحسين الهمدانيّ المدفوع عن نعمته بأذربيجان، وقد استأذن

1.. برقة : اسم صقع كبير يشتمل على مدن و قرى بين الإسكندريّة و أفريقية ، و اسم مدينتها : انطابلس ، وأيضاً من قرى قم ، و برقة حور محلّة أو قرية مقابل مدينة واسط في العراق معجم البلدان : ج ۱ ص ۳۸۸ .

2.. الإسكندرية : ميناء مهمّ وثاني مدينة كبيرة في مصر ، اشتق اسمها من الإسكندر المقدوني .

3.. القسطنطنيّة : عاصمة إمبراطورية الروم الشرقية والعثمانية ، فتحت على يد السلطان العثماني محمّد الفاتح في سنة ۱۴۵۳ م ، وانتهى بذلك عمر الإمبراطورية البيزنطيّة ، الذي امتدّ ألف عام . ثمّ سُمّيت بعد ذلك «إسلامبول» وحديثا تُعرف بإصطنبول .

4.. هِيْت : بلدة في العراق على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار راجع : معجم البلدان : ج ۵ ص ۴۲۱ .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
284

وتفرّق غلماني في النّزول، وبقي معي في المسجد غلامٌ أعجميٌّ، (فرأيت) في زاويته شيخاً كثير التّسبيح. فلمّا زالت الشمس ركعت (وسجدت) وصلّيت الظّهر في أوّل وقتها، ودعوت بالطّعام وسألت الشيخ أن يأكل معي، (فأجابني).
فلمّا طعمنا سألت عن اسمه واسم أبيه وعن بلده وحرفته (ومقصده)، فذكر أنّ اسمه محمّد بن عبد اللّه‏، وأنّه من أهل قمّ، وذكر أنّه يسيح منذ ثلاثين سنةً في طلب الحقّ، وينتقل في البلدان والسواحل، وأنّه أوطن مكّة والمدينة نحو عشرين سنةً يبحث عن الأخبار ويتتبّع الآثار.
فلمّا كان في سنة ثلاث وتسعين ومئتين، طاف بالبيت ثمّ صار إلى مقام إبراهيم عليه‏السلام، فركع فيه وغلبته عينه، فأنبهه صوت دعاء لم يجر في سمعه مثله قال: فتأمّلت الداعي فإذا هو شابٌّ أسمر لم أر قطّ في حسن صورته واعتدال قامته، ثمّ صلّى فخرج وسعى، فاتّبعته، وأوقع اللّه‏ عز و جل في نفسي أنّه صاحب الزّمان عليه‏السلام.
فلمّا فرغ من سعيه قصد بعض الشّعاب فقصدت أثره، فلمّا قربت منه إذا أنا بأسود مثل الفنيق قد اعترضني، فصاح بي بصوت لم أسمع أهول منه: ما تريد عافاك اللّه‏ ؟ فارعدت ووقفت، وزال الشخص عن بصري وبقيت متحيّراً.
فلمّا طال بي الوقوف والحيرة انصرفت ألوم نفسي وأعذلها بانصرافي بزجرة الأسود، فخلوت بربّي عز و جل أدعوه وأسأ له بحقّ رسوله وآله عليهم‏السلام أن لا يخيّب سعيي، وأن يظهر لي ما يثبت به قلبي ويزيد في بصري.
فلمّا كان بعد سنين زرت قبر المصطفى صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، فبينا أنا (اصلّي) في الرّوضة الّتي بين القبر والمنبر إذ غلبتني عيني، فإذا محرّكٌ يحرّكني، فاستيقظت فإذا أنا بالأسود، فقال: ما خبرك ؟ وكيف كنت ؟ فقلت: الحمد۱ اللّه‏ وأذمّك! فقال: لا تفعل، فإنّي

1.. في بحار الأنوار : «أحمد» .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12453
صفحه از 458
پرینت  ارسال به