265
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

ونحن ثلاثة نفر، فأمرنا أن يركب كلّ واحد منّا فرساً ونجنب آخر، ونخرج مخفّين لا يكون معنا قليلٌ ولا كثيرٌ إلاّ على السرج مصلّىً، وقال لنا: الحقوا بسامرّة. ووصف لنا محلّةً وداراً وقال: إذا أتيتموها تجدون على الباب خادماً أسود، فاكبسوا الدار ومن رأيتم فيها فأْتوني برأسه.
فوافينا سامرّة، فوجدنا الأمر كما وصفه، وفي الدّهليز خادمٌ أسود وفي يده تكّةٌ ينسجها، فسألناه عن الدار ومن فيها، فقال: صاحبها. فو اللّه‏ ما التفت إلينا، وقلّ اكتراثه بنا، فكبسنا الدار كما أمرنا، فوجدنا داراً سريّةً ومقابل الدار سترٌ ما نظرت قطّ إلى أنبل منه، كأنّ الأيدي رفعت عنه في ذلك الوقت، ولم يكن في الدار أحدٌ. فرفعنا السّتر فإذا بيتٌ كبيرٌ كأنّ بحراً فيه (ماءٌ)، وفي أقصى البيت حصيرٌ قد علمنا أنّه على الماء، وفوقه رجلٌ من أحسن النّاس هيئةً قائمٌ يصلّي، فلم يلتفت إلينا ولا إلى شيء من أسبابنا، فسبق أحمد بن عبد اللّه‏ ليتخطّى البيت فغرق في الماء، وما زال يضطرب حتّى مددت يدي إليه فخلّصته وأخرجته، وغشي عليه، وبقي ساعةً، وعاد صاحبي الثّاني إلى فعل ذلك الفعل، فناله مثل ذلك، وبقيت مبهوتاً، فقلت لصاحب البيت: المعذرة إلى اللّه‏ وإليك، فو اللّه‏ ما علمت كيف الخبر ولا إلى من أجيء، وأنا تائبٌ إلى اللّه‏.
فما التفت إلى شيء ممّا قلنا: وما انفتل عمّا كان فيه، فهالنا ذلك و انصرفنا عنه، وقد كان المعتضد ينتظرنا، وقد تقدّم إلى الحجّاب إذا وافيناه أن ندخل عليه في أيّ وقت كان، فوافيناه في بعض اللّيل، فادخلنا عليه فسألنا عن الخبر، فحكينا له ما رأينا، فقال: ويحكم! لقيكم أحدٌ قبلي وجرى منكم إلى أحد سببٌ أو قولٌ؟ قلنا: لا، فقال: أنا نفيٌّ من جدّي ـ وحلف بأشدّ أيمان له أنّه رجلٌ إن بلغه هذا الخبر


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
264

فلمّا بلغت قمّ وعندي أنّي اريد محاربة القوم، خرج إليّ أهلها وقالوا: كنّا نحارب من يجيئنا بخلافهم لنا، فأمّا إذا وافيت أنت فلا خلاف بيننا وبينك۱، ادخل البلدة فدبّرها كما ترى. فأقمت فيها زماناً، وكسبت أموالاً زائدةً على ما كنت أقدر.
ثمّ وشى القوّاد بي إلى السلطان، وحسدت على طول مقامي وكثرة ما اكتسبت، فعزلت ورجعت إلى بغداد، فابتدأت بدار السلطان وسلّمت عليه وأتيت إلى منزلي، وجاءني فيمن جاءني محمّد بن عثمان العمريّ، فتخطّى النّاس حتّى اتّكأ على تكأتي، فاغتظت من ذلك، ولم يزل قاعداً ما يبرح والنّاس داخلون وخارجون وأنا أزداد غيظاً.
فلمّا تصرّم (النّاس وخلاَ) المَجلس، دَنا إلَيّ وقالَ: بَيني وبينك سرٌّ فاسمعه، فقلت: قل، فقال: صاحب الشهباء والنّهر يقول قد وفينا بما وعدنا.
فذكرت الحديث وارتعت من ذلك، وقلت: السمع والطّاعة، فقمت فأخذت بيده ففتحت الخزائن، فلم يزل يخمّسها، إلى أن خمّس شيئاً كنت قد انسيته ممّا كنت قد جمعته، وانصرف، ولم أشكّ بعد ذلك وتحقّقت الأمر.
فأنا منذ سمعت هذا من عمّي أبي عبد اللّه‏ زال ما كان اعترضني من شكّ.۲

۲ / ۱۸

رشيقٌ

۷۹۰.الشيخ الطوسيّ: وحدّث عن رشيق صاحب المادراي۳، قال: بعث إلينا المعتضد

1.. كان الحسين والحسن وسائر الاُمراء الحمدانيّين من الشيعة ، ولهذا فهم يشتركون مع أهل قم في المذهب م .

2.. الخرائج والجرائح : ج۱ ص ۴۷۲ ح ۱۷ ، كشف الغمّة : ج ۳ ص ۲۹۰ ، بحار الأنوار : ج ۵۲ ص ۵۶ ح ۴۰ .

3.. في بعض المصادر : «رشيق حاجب المادراني» ، ولعلّه هو أحمد بن الحسن المادراني راجع : ص ۱۷۷ ح ۷۱۵ الهامش ۳ وأعيان الشيعة : ج ۲ ص ۴۹۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12427
صفحه از 458
پرینت  ارسال به