25
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

فيهِ، ويَسأَ لُنا عَمّا نَحنُ فيهِ مُختَلِفونَ، إنَّهُ لَم يَجعَل لِصاحِبِ الكِتابِ عَلَى المَكتوبِ إلَيهِ ولا عَلَيكَ ولا عَلى أحَدٍ مِنَ الخَلقِ جَميعا إمامَةً مُفتَرَضَةً، ولا طاعَةً ولا ذِمَّةً، وسَاُبَيِّنُ لَكُم جُملَةً تَكتَفونَ بِها إن شاءَ اللّه‏ُ تَعالى.
يا هذا، يَرحَمُكَ اللّه‏ُ، إنَّ اللّه‏َ تَعالى لَم يَخلُقِ الخَلقَ عَبَثا، ولا أهمَلَهُم سُدىً، بَل خَلَقَهُم بِقُدرَتِهِ، وجَعَلَ لَهُم أسماعا وأَبصارا وقُلوبا وأَلبابا، ثُمَّ بَعَثَ إلَيهِمُ النَّبِيّينَ عليهم‏السلام مُبَشِّرينَ ومُنذِرينَ، يَأمُرونَهُم بِطاعَتِهِ ويَنهَونَهُم عَن مَعصِيَتِهِ، ويُعَرِّفونَهُم ما جَهِلوهُ مِن أمرِ خالِقِهِم ودينِهِم، وأَنزَلَ عَلَيهِم كِتابا، وبَعَثَ إلَيهِم مَلائِكَةً يَأتينَ بَينَهُم وبَينَ مَن بَعَثَهُم إلَيهِم بِالفَضلِ الَّذي جَعَلَهُ لَهُم عَلَيهِم، وما آتاهُم مِنَ الدَّلائِلِ الظّاهِرَةِ وَالبَراهينِ الباهِرَةِ، وَالآياتِ الغالِبَةِ.
فَمِنهُم مَن جَعَلَ النّارَ عَلَيهِ بَردا وسَلاما وَاتَّخَذَهُ خَليلاً، ومِنهُم مَن كَلَّمَهُ تَكليما وجَعَلَ عَصاهُ ثُعبانا مُبينا، ومِنهُم مَن أحيَا المَوتى بِإِذنِ اللّه‏ِ، وأَبرَأَ الأَكمَهَ۱ وَالأَبرَصَ۲ بِإِذنِ اللّه‏ِ، ومِنهُم مَن عَلَّمَهُ مَنطِقَ الطَّيرِ واُوتِيَ مِن كُلِّ شَيءٍ، ثُمَّ بَعَثَ مُحَمَّدا صلى‏الله‏عليه‏و‏آله رَحمَةً لِلعالَمينَ، وتَمَّمَ بِهِ نِعمَتَهُ، وخَتَمَ بِهِ أنبِياءَهُ، وأَرسَلَهُ إلَى النّاسِ كافَّةً، وأَظهَرَ مِن صِدقِهِ ما أظهَرَ، وبَيَّنَ مِن آياتِهِ وعَلاماتِهِ ما بَيَّنَ. ثُمَّ قَبَضَهُ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله حَميدا فَقيدا سَعيدا.
وجَعَلَ الأَمرَ مِن بَعدِهِ إلى أخيهِ وَابنِ عَمِّهِ ووَصِيِّهِ ووارِثِهِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه‏السلام، ثُمَّ إلَى الأَوصِياءِ مِن وُلدِهِ واحِدا واحِدا، أحيا بِهِم دينَهُ، وأَتَمَّ بِهِم نورَهُ، وجَعَلَ بَينَهُم وبَينَ إخوانِهِم وبَني عَمِّهِم وَالأَدنَينَ فَالأَدنَينَ مِن ذَوي أرحامِهِم فُرقانا بَيِّنا يُعرَفُ بِهِ الحُجَّةُ مِنَ المَحجوجِ، وَالإِمامُ مِنَ المَأمومِ ؛ بِأَن عَصَمَهُم مِنَ الذُّنوبِ، وبَرَّأَهُم مِنَ العُيوبِ، وطَهَّرَهُم مِنَ الدَّنَسِ، ونَزَّهَهُم مِنَ اللَّبسِ، وجَعَلَهُم خُزّانَ عِلمِهِ، ومُستَودَعَ

1.. كَمِهَ فهو أكمه : هو العمى الذي يولد عليه الإنسان ، وربّما كان من مرض المصباح المنير : ص ۵۴۱ «كمه» .

2.. البَرَصُ : لون مختلط حُمرَةً وبياضا ، ولا يَحصُل إلاّ من فساد المزاج وخلل في الطبيعة مجمع البحرين : ج ۱ ص ۱۴۱ «برص» .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
24

إلَيهِ، فَخَرَجَ إلَيهِم مِن جِهَتِهِ تَوقيعٌ نُسخَتُهُ:
«إنَّ اللّه‏َ تَعالى هُوَ الَّذي خَلَقَ الأَجسامَ وقَسَّمَ الأَرزاقَ ؛ لِأَ نَّهُ لَيسَ بِجِسمٍ ولا حالٍّ في جِسمٍ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ العَليمُ، وأَمَّا الأَئِمَّةُ عليهم‏السلام فَإِنَّهُم يَسأَلونَ اللّه‏َ تَعالى فَيَخلُقُ، ويَسأَلونَهُ فَيَرزُقُ، إيجابا لِمَسأَلَتِهِم وإعظاما لِحَقِّهِم».۱

۱ / ۲

النُّبُوَّةُ وَالإِمامَةُ

۶۵۹.الغيبة للطوسي: بِهذَا الإِسنادِ۲، عَن أبِي الحُسَينِ مُحَمَّدِ بنِ جَعفَرٍ الأَسَدِيِّ رضى‏الله‏عنه، عَن سَعدِ بنِ عَبدِ اللّه‏ِ الأَشعَرِيِّ، قالَ: حَدَّثَنَا الشَّيخُ الصَّدوقُ أحمَدُ بنُ إسحاقَ بنِ سَعدٍ الأَشعَرِيُّ رَحِمَهُ اللّه‏ُ: أنَّهُ جاءَهُ بَعضُ أصحابِنا يُعلِمُهُ أنَّ جَعفَرَ بنَ عَلِيٍّ كَتَبَ إلَيهِ كِتابا يُعَرِّفُهُ فيهِ نَفسَهُ، ويُعلِمُهُ أنَّهُ القَيِّمُ بَعدَ أخيهِ، وأَنَّ عِندَهُ مِن عِلمِ الحَلالِ وَالحَرامِ ما يَحتاجُ إلَيهِ، وغَيرَ ذلِكَ مِنَ العُلومِ كُلِّها.
قالَ أحمَدُ بنُ إسحاقَ: فَلَمّا قَرَأتُ الكِتابَ كَتَبتُ إلى صاحِبِ الزَّمانِ عليه‏السلام، وصَيَّرتُ كِتابَ جَعفَرٍ في دَرجِهِ، فَخَرَجَ الجَوابُ إلَيَّ في ذلِكَ:
«بِسمِ اللّه‏ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، أتاني كِتابُكَ أبقاكَ اللّه‏ُ، وَالكِتابُ الَّذي أنفَذتَهُ دَرجَهُ، وأَحاطَت مَعرِفَتي بِجَميعِ ما تَضَمَّنَهُ عَلَى اختِلافِ ألفاظِهِ، وتَكَرُّرِ الخَطَأِ فيهِ، ولَو تَدَبَّرتَهُ لَوَقَفتَ عَلى بَعضِ ما وَقَفتُ عَلَيهِ مِنهُ، وَالحَمدُ للّه‏ِِ رَبِّ العالَمينَ حَمدا لا شَريكَ لَهُ عَلى إحسانِهِ إلَينا، وفَضلِهِ عَلَينا، أبَى اللّه‏ُ عز و جل لِلحَقِّ إلاّ إتماما، ولِلباطِلِ إلاّ زُهوقا۳، وهُوَ شاهِدٌ عَلَيَّ بِما أذكُرُهُ، ولي عَلَيكُم بِما أقولُهُ إذَا اجتَمَعنا لِيَومٍ لا رَيبَ

1.. الغيبة للطوسي : ص ۲۹۳ ح ۲۴۸ ، الاحتجاج : ج ۲ ص ۵۴۵ ح ۳۴۵ ، بحار الأنوار : ج ۲۵ ص ۳۲۹ ح ۴ .

2.. أي : جماعة ، عن أبي محمّد التلَّعُكبَريّ ، عن أحمد بن عليّ الرازيّ .

3.. زَهَقَ الباطِلُ : زالَ وَبَطَل المصباح المنير : ص ۲۵۸ «زهق» .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12360
صفحه از 458
پرینت  ارسال به