205
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

وكانَ فيما أوصَى الحَسَنَ أن قالَ: يا بُنَيَّ، إن اُهِّلتَ لِهذَا الأَمرِ يَعنِي الوَكالَةَ لِمَولانا، فَيَكونُ قوتُكَ مِن نِصفِ ضَيعَتِي المَعروفَةِ بِفرجيذه، وسائِرُها مِلكٌ لِمَولايَ، وإن لَم تُؤَهَّل لَهُ فَاطلُب خَيرَكَ مِن حَيثُ يَتَقَبَّلُ اللّه‏ُ. وقَبِلَ الحَسَنُ وَصِيَّتَهُ عَلى ذلِكَ.
فَلَمّا كانَ في يَومِ الأَربَعينَ وقَد طَلَعَ الفَجرُ ماتَ القاسِمُ رحمه‏الله، فَوافاهُ عَبدُ الرَّحمنِ يَعدو فِي الأَسواقِ حافِياً حاسِراً وهُوَ يَصيحُ: واسَيِّداه، فَاستَعظَمَ النّاسُ ذلِكَ مِنهُ وجَعَلَ النّاسُ يَقولونَ: مَا الَّذي تَفعَلُ بِنَفسِكَ، فَقالَ: اُسكُتوا فَقَد رَأَيتُ ما لَم تَرَوهُ، وتَشَيَّعَ ورَجَعَ عَمّا كانَ عَلَيهِ، ووَقَفَ الكَثيرَ مِن ضِياعِهِ.
وتَوَلّى أبو عَلِيِّ بنُ جَحدَرٍ غُسلَ القاسِمِ وأَبو حامِدٍ يَصُبُّ عَلَيهِ الماءَ، وكُفِّنَ في ثَمانِيَةِ أثوابٍ، عَلى بَدَنِهِ قَميصُ مَولاهُ أبِي الحَسَنِ وما يَليهِ السَّبعَةُ الأَثوابِ الَّتي جاءَتهُ مِنَ العِراقِ، فَلَمّا كانَ بَعدَ مُدَّةٍ يَسيرَةٍ وَرَدَ كِتابُ تَعزِيَةٍ عَلَى الحَسَنِ مِن مَولانا عليه‏السلام في آخِرِهِ دُعاءٌ: «ألهَمَكَ اللّه‏ُ طاعَتَهُ وجَنَّبَكَ مَعصِيَتَهُ»، وهُوَ الدُّعاءُ الَّذي كانَ دَعا بِهِ أبوهُ، وكانَ آخِرُهُ: «قَد جَعَلنا أباكَ إماماً لَكَ وفَعالَهُ لَكَ مِثالاً۱».۲

۷۴۴.رجال الكشّي: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ القاسِمِ القُمِّيُّ، قالَ: حَدَّثَني أحمَدُ بنُ الحُسَينِ القُمِّيُّ الآبِيُّ أبو عَلِيٍّ، قالَ:
كَتَبَ مُحَمَّدُ بنُ أحمَدَ بنِ الصَّلتِ القُمِّيُّ الآبِيُّ أبو عَلِيٍّ۳ إلى [صاحِبِ] الدّارِ كِتابا

1.. في فرج المهموم : « من الكتاب المذكور ما رويناه عن الشيخ المفيد ، ونقلناه عن نسخة عتيقة جدّا من اُصولأصحابنا قد كُتبت في زمان الوكلاء ، فقال فيها ما هذا لفظه : قال الصفوانيّ رحمه‏الله : رأيت القاسم بن العلاء ... » ، وفي آخره : « وروينا هذا الحديث الّذي ذكرناه أيضاً عن أبي جعفر الطوسيّ رضوان اللّه‏ عليه» .

2.. الغيبة للطوسي : ص۳۱۰ ح ۲۶۳ ، فرج المهموم : ص۲۴۸ ، الثاقب في المناقب : ص۵۳۶ ح۲ ، الخرائج و الجرائح : ج۱ ص۴۶۷ ح۱۴ ، بحار الأنوار : ج۵۱ ص۳۱۳ ح۳۷ .

3.. أبو عليّ محمّد بن أحمد بن الصلت القمّي الآبيّ ، له مكاتبة مع صاحب الدار عليه‏السلام . قال الصدوق : وكان أبي يروي عنه ويصف علمه وعمله وزهده وفضله وعبادته راجع: رجال الكشّي : ج ۲ ص ۸۳۱ الرقم ۱۰۵۱ ومعجم رجال الحديث : ج ۱۵ ص ۳۵۱ الرقم ۱۰۱۳۳ وج ۱۶ ص ۱۸ الرقم ۱۰۱۵۰ .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
204

مَستورٌ عَلى وَجهِهِ في ناحِيَةٍ مِنَ الدّارِ، وأَبو حامِدٍ في ناحِيَةٍ، وأبو عَلِيِّ بنُ جَحدَرٍ وأَنَا وجَماعَةٌ مِن أهلِ البَلَدِ نَبكي، إذِ اتَّكَى القاسِمُ عَلى يَدَيهِ إلى خَلفٍ وجَعَلَ يَقولُ: يا مُحَمَّدُ، يا عَلِيُّ، يا حَسَنُ يا حُسَينُ، يا مَوالِيَّ كونوا شُفَعائي إلَى اللّه‏ِ عز و جل، وقالَهَا الثّانِيَةَ، وقالَهَا الثّالِثَةَ، فَلَمّا بَلَغَ فِي الثّالِثَةِ: يا موسى يا عَلِيُّ، تَفَرقَعَت أجفانُ عَينَيهِ، كَما يُفَرقِعُ الصِّبيانُ شَقائِقَ النُّعمانِ، وَانتَفَخَت حَدَقَتُهُ، وجَعَلَ يَمسَحُ بِكُمِّهِ عَينَيهِ، وخَرَجَ مِن عَينَيهِ شَبيهٌ بِماءِ اللَّحمِ ثُمَّ مَدَّ طَرفَهُ إلَى ابنِهِ، فَقالَ: يا حَسَنُ إلَيَّ، يا أبا حامِدٍ (إلَيَّ)، يا أبا عَلِيٍّ (إلَيَّ)، فَاجتَمَعنا حَولَهُ ونَظَرنا إلَى الحَدَقَتَينِ صَحيحَتَينِ، فَقالَ لَهُ أبو حامِدٍ: تَراني ؟ وجَعَلَ يَدَهُ عَلى كُلِّ واحِدٍ مِنّا، وشاعَ الخَبَرُ فِي النّاسِ وَالعامَّةِ، وَانتابَهُ النّاسُ مِنَ العَوامِّ يَنظُرونَ إلَيهِ.
ورَكِبَ القاضي إلَيهِ وهُوَ أبُو السّائِبِ عُتبَةُ بنُ عُبَيدِ اللّه‏ِ المَسعودِيُّ۱ وهُو قاضِي القُضاةِ بِبَغدادَ، فَدَخَلَ عَلَيهِ، فَقالَ لَهُ: يا أبا مُحَمَّدٍ، ما هذَا الَّذي بِيَدي ؟ وأَراهُ خاتَماً فَصُّهُ فيروزَجٌ، فَقَرَّبَهُ مِنهُ فَقالَ: عَلَيهِ ثَلاثَةُ أسطُرٍ، فَتَناوَلَهُ القاسِمُ رحمه‏الله فَلَم يُمكِنهُ قِراءَتَهُ وخَرَجَ النّاسُ مُتَعَجِّبينَ يَتَحَدَّثونَ بِخَبَرِهِ، وَالتَفَتَ القاسِمُ إلَى ابنِهِ الحَسَنِ، فَقالَ لَهُ:
إنَّ اللّه‏َ مُنَزِّلُكَ مَنزِلَةً ومُرَتِّبُكَ مَرتَبَةً فَاقبَلها بِشُكرٍ، فَقالَ لَهُ الحَسَنُ: يا أبَه، قَد قَبِلتُها، قالَ القاسِمُ: عَلى ماذا ؟ قالَ: عَلى ما تَأمُرُني بِهِ يا أبَه، قالَ: عَلى أن تَرجِعَ عَمّا أنتَ عَلَيهِ مِن شُربِ الخَمرِ. قالَ الحَسَنُ: يا أبَه وحَقِّ مَن أنتَ في ذِكرِهِ لَأَرجِعَنَّ عَن شُربِ الخَمرِ، ومَعَ الخَمرِ أشياءَ لا تَعرِفُها، فَرَفَعَ القاسِمُ يَدَهُ إلَى السَّماءِ، وقالَ: اللّهُمَّ ألهِمِ الحَسَنَ طاعَتَكَ، وجَنِّبهُ مَعصِيَتَكَ ـ ثَلاثَ مَرّاتٍ ـ ثُمَّ دَعا بِدَرجٍ، فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِيَدِهِ رحمه‏الله، وكانَتِ الضِّياعُ الَّتي في يَدِهِ لِمَولانا وَقفٌ وَقَفَهُ أبوهُ.

1.. الشافعيّ الصوفيّ ۲۶۴ ـ ۳۵۱ه (راجع : سير أعلام النبلاء : ج ۱۶ ص ۴۷ الرقم ۳۲ وتاريخ بغداد : ج ۱۲ ص ۳۱۶ الرقم ۶۷۶۵) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12644
صفحه از 458
پرینت  ارسال به