189
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

يَقبَلَ ضَيعَتي۱، ولَم يَكُنِ اعتِقادي في ذلِكَ الوَقتِ التَّقَرُّبَ إلَى اللّه‏ِ عز و جل بِهذِهِ الحالِ، وإنَّما كانَ شَهوَةً مِنّي لِلاِختِلاطِ بِالنَّوبَختِيّينَ وَالدُّخولِ مَعَهُم فيما كانوا فيه مِنَ الدُّنيا، فَلَم اُجَب إلى ذلِكَ، وأَلحَحتُ في ذلِكَ، فَكَتَبَ إلَيَّ أنِ اختَر مَن تَثِقُ بِهِ فَاكتُبِ الضَّيعَةَ بِاسمِهِ فَإِنَّكَ تَحتاجُ إلَيها، فَكَتَبتُها بِاسمِ أبِي القاسِمِ موسَى بنِ الحَسَنِ الزجوزجي ابنِ أخي أبي جَعفَرٍ رَحِمَهُ اللّه‏ُ ؛ لِثِقَتي بِهِ ومَوضِعِهِ مِنَ الدِّيانَةِ وَالنِّعمَةِ.
فَلَم تَمضِ الأَيّامُ حَتّى أسَرونِيَ الأَعرابُ ونَهَبُوا الضَّيعَةَ الَّتي كُنتُ أملِكُها، وذَهَبَ مِنّي فيها مِن غَلاّتي ودَوابّي وآلَتي نَحوٌ مِن ألفِ دينارٍ، وأَقَمتُ في أسرِهِم مُدَّةً إلى أنِ اشتَرَيتُ نَفسي بِمِئَةِ دينارٍ وأَلفٍ وخَمسِمِئَةِ دِرهَمٍ، ولَزِمَني في اُجرَةِ الرُّسُلِ نَحوٌ مِن خَمسِمِئَةِ دِرهَمٍ، فَخَرَجتُ وَاحتَجتُ إلَى الضَّيعَةِ فَبِعتُها.۲

۷۲۹.الغيبة للطوسي: أخبَرَني جَماعَةٌ، عَن أبي عَبدِ اللّه‏ِ أحمَدَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَيّاشٍ۳، عَن أبي غالِبٍ الزُّرارِيِّ، قالَ:
قَدِمتُ مِنَ الكوفَةِ وأَنَا شابٌّ إحدى قَدَماتي، ومَعِيَ رَجُلٌ مِن إخوانِنا ـ قَد ذَهَبَ عَلى أبي عَبدِ اللّه‏ِ اسمُهُ ـ، وذلِكَ في أيّامِ الشَّيخِ أبِي القاسِمِ الحُسَينِ بنِ روحٍ رحمه‏الله وَاستِتارِهِ ونَصبِهِ أبا جَعفَرٍ مُحَمَّدَ بنَ عَلِيٍّ المَعروفَ بِالشَّلمَغانِيِّ، وكانَ مُستَقيما لَم يَظهَر مِنه ما ظَهَرَ مِنهُ مِنَ الكُفرِ وَالإِلحادِ، وكانَ النّاسُ يَقصِدونَهُ ويَلقَونَهُ لِأَ نَّهُ كانَ صاحِبَ الشَّيخِ أبِي القاسِمِ الحُسَينِ بنِ روحٍ، سَفيرا بَينَهُم وبَينَهُ في حَوائِجِهِم

1.. الضَيعَةُ : العقار . والضيعة : الأرض المُغَلُّة تاج العروس : ج ۱۱ ص ۳۱۵ «ضيع» .

2.. الغيبة للطوسيّ : ص ۳۰۴ ح ۲۵۷ بسند معتبر ، بحار الأنوار : ج ۵۱ ص ۳۲۲ وراجع الخرائج و الجرائح : ج ۱ص ۴۷۹ ح ۲۰ .

3.. أبو عبداللّه‏ أحمد بن محمّد بن عيّاش الجوهريّ ت ۴۰۱ ه ، صاحب مقتضب الأثر . عدّه الشيخ في رجاله في من لم يروِ عن الأئمة عليهم‏السلام ، وكان كثير الرواية ، إلاّ أنّه اختلّ في آخر عمره . ذكره الشيخ في الفهرست ، وكان جدّه وأبوه وجهين ببغداد (راجع : الفهرست للطوسيّ : ص ۷۹ الرقم ۹۹ ورجال النجاشيّ : ج ۱ ص ۲۲۵ الرقم ۳۰۵ ورجال الطوسيّ : ص ۴۱۳ الرقم ۵۹۸۳) .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
188

وأَنَا غائِبٌ عَنها بِنتا، وبَقينا عَلى حالِ الشَّرِّ وَالمُضارَمَةِ۱ سِنينَ لا آخُذُها.
ثُمَّ دَخَلتُ بَغدادَ، وكانَ الصّاحِبَ بِالكوفَةِ في ذلِكَ الوَقتِ أبو جَعفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ أحمَدَ الزجوزجيُّ رحمه‏الله، وكانَ لي كَالعَمِّ أوِ الوالِدِ، فَنَزَلتُ عِندَهُ بِبَغدادَ وشَكَوتُ إلَيهِ ما أنَا فيهِ مِنَ الشُّرورِ الواقِعَةِ بَيني وبَينِ الزَّوجَةِ وبَينَ الأَحماءِ، فَقالَ لي: تَكتُبُ رُقعَةً وتَسأَلُ الدُّعاءَ فيها.
فَكَتَبتُ رُقعَةً وذَكَرتُ فيها حالي، وما أنَا فيهِ مِن خُصومَةِ القَومِ لي وَامتِنِاعِهِم مِن حَملِ المَرأَةِ إلى مَنزِلي، ومَضَيتُ بِها أنَا وأَبو جَعفَرٍ رحمه‏الله إلى مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، وكانَ في ذلِكَ الواسِطَةُ بَينَنا وبَينَ الحُسَينِ بنِ روحٍ رضى‏الله‏عنهوهُوَ إذ ذاكَ الوَكيلُ، فَدَفَعناها إلَيهِ وسَأَلناهُ إنفاذَها، فَأَخَذَها مِنّي وتَأَخَّرَ الجَوابُ عَنّي أيّاما، فَلَقيتُهُ فَقُلتُ لَهُ: قَد ساءَني تَأَخُّرُ الجَوابِ عَنّي، فَقالَ لي: لا يَسوؤُكَ هذا ؛ فَإِنَّهُ أحَبُّ لي ولَكَ، وأَومَأَ إلَيَّ أنَّ الجَوابَ إن قَرُبَ كانَ مِن جِهَةِ الحُسَينِ بنِ روحٍ رضى‏الله‏عنه، وإن تَأَخَّرَ كانَ مِن جِهَةِ الصّاحِبِ عليه‏السلام. فَانصَرَفتُ.
فَلَمّا كانَ بَعدَ ذلِكَ ـ ولا أحفَظُ المُدَّةَ إلاّ أنَّها كانَت قَريبَةً ـ فَوَجَّهَ إلَيَّ أبو جَعفَرٍ الزجوزجيُّ رحمه‏الله يَوما مِنَ الأَيّامِ، فَصِرتُ إلَيهِ، فَأَخرَجَ لي فَصلاً مِن رُقعَةٍ وقالَ لي: هذا جَوابُ رُقعَتِكَ، فَإِن شِئتَ أن تَنسَخَهُ فَانسَخهُ ورُدَّهُ، فَقَرَأتُهُ فَإِذا فيهِ: «وَالزَّوجُ وَالزَّوجَةُ فَأَصلَحَ اللّه‏ُ ذاتَ بَينِهِما». ونَسَختُ اللَّفظَ ورَدَدتُ عَلَيهِ الفَصلَ، ودَخَلنَا الكوفَةَ فَسَهَّلَ اللّه‏ُ لي نَقلَ المَرأَةِ بِأَيسرِ كُلفَةٍ، وأَقامَت مَعي سِنينَ كَثيرَةً ورُزِقَت مِنّي أولادا، وأَسَأتُ إلَيها إساءاتٍ، وَاستَعمَلتُ مَعَها كُلَّ ما لا تَصبِرُ النِّساءُ عَلَيهِ، فَما وَقَعَت بَيني وبَينَها لَفظَةُ شَرٍّ ولا بَينَ أحَدٍ مِن أهلِها، إلى أن فَرَّقَ الزَّمانُ بَينَنا.
قالوا: قالَ أبو غالِبٍ رحمه‏الله: وكُنتُ قَديما قَبلَ هذِهِ الحالِ قَد كَتَبتُ رُقعَةً أسأَلُ فيها أن

1.. المضارمة : المغاضبة ، من قولهم : تضرّم عليه : أي غضب عليه اُنظر : لسان العرب : ج ۱۲ ص ۳۵۵ «ضرم» .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12748
صفحه از 458
پرینت  ارسال به