قالَ: هذِهِ الرُّقعَةُ اقرَأها. فَقَرَأتُها، فَإِذا فيها:
«بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، يَابنَ أبي رَوحٍ، أودَعَتكَ حايلُ بِنتُ الدَّيرانِيِّ كيساً فيهِ ألفُ دِرهَمٍ بِزَعمِكَ، وهُوَ خِلافُ ما تَظُنُّ، وقَد أدَّيتَ فيهِ الأَمانَةَ ولَم تَفتَحِ الكيسَ ولَم تَدرِ ما فيهِ، وإنَّما فيهِ ألفُ دِرهَمٍ وخَمسونَ ديناراً صِحاحاً، ومَعَكَ قُرطانِ زَعَمَتِ المَرأَةُ أنَّها تُساوي عَشَرَةَ دَنانيرَ صُدِّقَت مَعَ الفَصَّينِ اللَّذَينِ فيهِما، وفيهِما ثَلاثُ حَبّاتِ لُؤُؤ شِراؤها بِعَشَرَةِ دَنانيرَ، وهِيَ تُساوي أكثَرَ، فَادفَعهُما إلى جارِيَتِنا فُلانَةَ، فَإِنّا قَد وَهَبناهُما لَها، وصِر إلى بَغدادَ وَادفَعِ المالَ إلى حاجِزٍ، وخُذ مِنهُ ما يُعطيكَ لِنَفَقَتِكَ إلى مَنزِلِكَ.
فَأَمَّا العَشَرَةُ الدَّنانيرِ الَّتي زَعَمَت أنَّ اُمَّهَا استَقرَضَتها في عُرسِها وهِيَ لا تَدري مَن صاحِبُها ولا تَعلَمُ لِمَن هِيَ، هِيَ لِكُلثومٍ بِنتِ أحمَدَ، وهِيَ ناصِبِيَّةٌ، فَتَحَرَّجَت أن تُعطِيَها، فَإِن أحَبَّت أن تَقسِمَها في أخَواتِها فَاستَأذَنَتنا في ذلِكَ، فَلتُفَرِّقها في ضُعَفاءِ أخَواتِها.
ولا تَعودَنَّ يَابنَ أبي رَوحٍ إلَى القَولِ بِجَعفَرٍ وَالمِحنَةِ لَهُ، وَارجِع إلى مَنزِلِكَ، فَإِنَّ عَدُوَّكَ قَد ماتَ وقَد أورَثَكَ اللّهُ۱ أهلَهُ ومالَهُ».
فَرَجَعتُ إلى بَغدادَ، وناوَلتُ الكيسَ حاجِزاً، فَوَزَنَهُ فَإِذا فيهِ ألفُ دِرهَمٍ صِحاحٍ وخَمسونَ ديناراً، فَناوَلَني ثَلاثينَ ديناراً، وقالَ: اُمِرَنا بِدَفعِها إلَيكَ لِتُنفِقَها. فَأَخَذتُها وَانصَرَفتُ إلَى المَوضِعِ الَّذي نَزَلتُ فيهِ، فَإِذا أنَا بِفَيجٍ۲ قَد جاءَني مِنَ المَنزِلِ يُخبِرُني بِأَنَّ حَموي قَد ماتَ، وأَنَّ أهلي أمَروني بِالاِنصِرافِ إلَيهِم، فَرَجَعتُ فَإِذا هُوَ قَد ماتَ،