قالَ: وأَنفَذتُ أيضا دَنانيرَ لِقَومٍ مُؤِنينَ، فَأَعطاني رَجُلٌ ـ يُقالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بنُ سَعيدٍ ـ دَنانيرَ فَأَنفَذتُها بِاسمِ أبيهِ مُتَعَمِّدا، ولَم يَكُن مِن دينِ اللّهِ عَلى شَيءٍ، فَخَرَجَ الوُصولُ مِن عُنوانِ اسمِهِ مُحَمَّدٍ.
قالَ:۱ وحَمَلتُ في هذِهِ السَّنَةِ الَّتي ظَهَرَت لي فيها هذِهِ الدَّلالَةُ ألفَ دينارٍ، بَعَثَ بِها أبو جَعفَرٍ ومَعي أبُو الحُسَينِ مُحَمَّدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ خَلَفٍ وإسحاقُ بنُ الجُنَيدِ، فَحَمَلَ أبُو الحُسَينِ الخُرجَ إلَى الدّورِ، وَاكتَرَينا ثَلاثَةَ أحمِرَةٍ، فَلَمّا بَلَغَتِ القاطولَ۲ لَم نَجِد حَميرا، فَقُلتُ لِأَبي الحُسَينِ: اِحمِلِ الخُرجَ الَّذي فيهِ المالُ وَاخرُج مَعَ القافِلَةِ حَتّى أتَخَلَّفَ في طَلَبِ حِمارٍ لاِءِسحاقَ بنِ الجُنَيدِ يَركَبُهُ فَإِنَّهُ شَيخٌ، فَاكتَرَيتُ لَهُ حِمارا ولَحِقتُ بِأَبِي الحُسَينِ فِي الحَيرِ۳ ـ حَيرِ سُرَّ مَن رَأى ـ وأَنَا اُسامِرُهُ وأَقولُ لَهُ: اِحمَدِ اللّهَ عَلى ما أنتَ عَلَيهِ، فَقالَ: وَدِدتُ أنَّ هذَا العَمَلَ دامَ لي.
فَوافَيتُ سُرَّ مَن رَأى وأَوصَلتُ ما مَعَنا، فَأَخَذَهُ الوَكيلُ بِحَضرَتي ووَضَعَهُ في مِنديلٍ وبَعَثَ بِهِ مَعَ غُلامٍ أسوَدَ، فَلَمّا كانَ العَصرُ جاءَني بِرُزَيمَةٍ۴ خَفيفَةٍ، ولَمّا أصبَحنا خَلا بي أبُو القاسِمِ، وتَقَدَّمَ أبُو الحُسَينِ وإسحاقُ، فَقالَ أبُو القاسِمِ لِلغُلامِ۵ الَّذي حَمَلَ الرُّزَيمَةَ: جاءَني بِهذِهِ الدَّراهِمِ وقالَ لي: اِدفَعها إلَى الرَّسولِ الَّذي حَمَلَ الرُّزَيمَةَ، فَأَخَذتُها مِنهُ، فَلَمّا خَرَجتُ مِن بابِ الدّارِ، قالَ لي أبُو الحُسَينِ مِن قَبلِ أن أنطِقَ۶ أو يَعلَمَ أنَّ مَعي شَيئا: لَمّا كُنتُ مَعَكَ فِي الحَيرِ تَمَنَّيتُ أن يَجيئَني مِنهُ دَراهِمُ أتَبَرَّكُ بِها، وكَذلِكَ عامُ أوَّلَ حَيثُ كُنتُ مَعَكَ بِالعَسكَرِ، فَقُلتُ لَهُ: خُذها فَقَد آتاكَ اللّهُ
1.. إلى هنا ليس في الخرائج .
2.. القاطولُ : اسم نهر كأنّه مقطوع من دجلة ، وهو نهر في موضع سامرّا قبل أن تُعمر معجم البلدان : ج ۴ ص ۲۹۷ .
3.. الحَيْرُ : الحظيرة والموضع الذي يتحيّر فيه الماء مجمع البحرين : ج ۱ ص ۴۷۸ «حير» .
4.. الرِّزمَة : الكارةُ من الثياب ، ورَزَمَ الشيءَ : جَمَعَهُ في ثوب واحدٍ لسان العرب : ج ۱۲ ص ۲۳۹ «رزم» .
5.. هكذا في المصدر ، وفي الخرائج والجرائح : «فقال لي أبو القاسم الغلام» ، وفي بحار الأنوار : «أبو القاسم الغلام» .
6.. في المصدر : «أنطَلِقَ» ، وما اُثبت من بحار الأنوار .