منظار علم الرجال والحديث، فهي تناظر مثيلاتها من الأحاديث، حازت نوعاً من الاهتمام والاستدلال بها، واستشهد بها أحياناً لتأييد موضوع معيّن، ونعلم أنّ عمل الفقهاء وعنايتهم يُعدّ دليلاً إجماليّاً على اعتبار أحاديث ليس لها النصاب اللاّزم للاستناد الفقهيّ بسند رجاليّ، وكما لاحظنا ورد مضمون كثير من هذه التوقيعات في نصوص أُخرى إمّا عيناً أو إجمالاً.
ومن جهة أُخرى، توفّر مراجعة الأحاديث وأقوال الفقهاء إزالة بعض الغموض الأوّليّ الذي يعترض الفهم الصحيح للأجوبة، كما أنّ نوع تلك الأجوبة منسجمة مع الأدلّة الأُخرى، أو على الأقلّ لاتتعارض معها ومع القواعد، نعم، وقليل منها لم يكن مؤّلاً لاستناد الفقهاء أو بعضهم، وهذا طبيعيّ نظراً إلى شرائط طرح الأسئلة والأجوبة وقيود المكاتبات من حيث وضوحها، بنحوٍ تُعدّ فيه المكاتبة بحدّ ذاتها حائلاً نسبيّاً على رأي عدّة فقهاء في إيصال ما ترمي إليه، ومن ثمّ في التمسّك بظاهرها، وهذا لايختصّ بالتوقيعات المشار إليها، مثلما عكس الإمام الخمينيّ هذه الملاحظة العامّة عند استناده إلى أحدها.۱
ومن هنا فإنّ ما نقله الشيخ الطوسيّ عن أبي نصر هبة اللّه بن محمّد في شأن النائب الثاني محمّد بن عثمان العَمريّ من أنّه كان يُجيب عن أسئلته بأجوبة عجيبة۲، فإذا قصد أنّ أجوبته غير منسجمة مع النصوص والقواعد، فينبغي القول إنّ الأمر ليس كذلك، على الأقلّ بما يتعلّق بالمسائل الفقهيّة وما بقي من التوقيعات، وأمّا إذا كان في بقيّة الموارد، فهذا أيضاً ممّا يمكن بحثه، ولكن لا يُظنّ قبول الأجوبة المتعارضة مع الأُصول والمعايير.
ونظراً لما نقله أبو نصر من مطالب في مدح عثمان بن سعيد، فيُحتمل أنّ تعبيره يأتي في سياق تأكيد اتّصاله بإمام العصر عليهالسلام وعدم إصداره للتوقيع من عنده، الأمر الذي أثار أسئلة بعضهم متأثّرين بالإعلام المغرض وترويج الشبهات ولا سيّما في الماضي.