الفقهاء وقيّموه مرّات عديدة، ومثلما تمّت الإشارة إليه في الفقرة الثالثة حيث أدّى تنوّع الأحاديث المتعلّقة بالخمس إلى بروز أقوال كثيرة في حكمه.۱
عمدة ما وقع عليه البحث في هذا الجزء من التوقيع هو من جهة أنّ ظاهره يبيّن منح الأئمّة عليهمالسلام للخمس في عصر الغيبة الكبرى، ممّا حدا بالمحقّق السبزواريّ ـ وهو من أوائل الفقهاء الذين استندوا إلى هذه الجملة من التوقيع ـ للاستدلال به وببعض الأدلّة الأُخرى والميل إجمالاً إلى مضمونه.۲
ولكن من سبقه أو تأخّر عنه من الفقهاء عادةً ما ردّوا على هذا الرأي استناداً إلى أدلّة أُخرى، وقبلوا بأصل وجوب الخمس حتّى في الإيرادات السنويّة، واختلافاتهم الناشئة عن كيفيّة الجمع بين الأحاديث، ترجع بنوع ما إلى مسائلها الفرعيّة. واعتبر بعض العلماء ـ مثل الشيخ الحرّ العامليّ والمحدّث البحرانيّ ـ إباحة الخمس في هذا التوقيع محدّدة بسهم الإمام عليهالسلام على فرض عدم الوصول إليه، وعدم حاجة السادة العلويّين له۳، كما اعتقد كثير من الفقهاء أنها متعلّقة بأموال الإمام عليهالسلام الخاصّة في المناكح والمساكن وما ناظرها على وجه الخصوص، بشهادة موضوع طيب الولادة الوارد في التوقيع، مع وجود أدلّة أُخرى على إباحتها. وهناك عدّة بحوث عن معنى وحدود تحليل الخمس منذ زمن بعيد بين الفقهاء، كما اشتملت المصادر الفقهيّة المتعلّقة بالخمس على أقوالهم في الموضوع.
إحدى الأدلّة التي دعت الفقهاء إلى عدم قبول ظاهر هذا التوقيع مثل بعض الأدلّة الأخرى ويرونه منطبقاً على موارد خاصّة، توقيعاتٌ أُخرى انتقد فيها إمام العصر عليهالسلام بشدّة ولعن من يضيّع أموالهم ويتصرّف بها بدون إذن، مثل جملة: «لَعنَةُ اللّهِ وَالمَلائِكةِ وَالنّاسِ أجمَعينَ عَلى مَنِ استَحَلَّ مِن مالِنا دِرهَماً»۴. وما جاء في الفقرة الثالثة يصبّ في
1.. لمعرفة هذه الآراء التي تصل إلى حدود عشرين رأياً (راجع: الحدائق الناضرة: ج ۱۲ ص ۴۳۷ ـ ۴۴۴ ودرآمدىبر نظريه شيخ انصارى در باره خمس (بالفارسيّة): ص ۴ ـ ۱۳).
2.. راجع: ذخيرة المعاد: ج ۲ ص ۴۸۰ ـ ۴۸۳.
3.. وسائل الشيعة: ج ۹ ص ۵۴۳ و ۵۵۰، الحدائق الناضرة: ج ۱۲ ص ۴۴۸.
4.. راجع: ص ۱۸۵ ح ۷۲۴ ووسائل الشيعة: ج ۹ ص ۵۴۱.