15
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

الأحاديث في كتابه الآخر الغيبة.

وفي وسعنا أيضاً مقارنة التوقيعات مع الأُصول المحكمة للفقه والعقائد، للوصول إلى صحّة كثير منها والعمل بها، ولحسن الحظّ فالعديد منها منسجم مع مجموع الأحاديث ويعمل الفقهاء بها.

ونضيف أيضاً أنّ عدداً ليس بالقليل من التوقيعات تناول موضوع القضايا الماليّة وطلبات الأدعية، ولا نرى فيها دوافع لوضع الأحاديث والدسّ فيها.۱

بقيت ملاحظة أخيرة، وهي مقايسة اعتبار النصّ المكتوب مع البيان الشفهيّ للمعصوم، فنظراً للأُسلوب التحريريّ المتجذّر والمتداول بين جميع الشعوب، ولسيرة الأئمّة عليهم‏السلام المستمرّة من زمن رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إلى آخر الأئمّة، لايبقى أيّ مجال للشكّ فيما لو حصل الاطمئنان بصدور التوقيع أن يثبت جواز ووجوب العمل به.

وهذا لايعني الإغماض عمّا يعلق بكتابة واستنساخ نصوص الحديث من أخطاء، كالتصحيف والقلب والدرج، وغيرها، بل تمرّ الرسائل والتواقيع في مسيرتها إلى الفقهاء وطبقات الرواة والأجيال اللاّحقة عبر طرق ووسائط بشريّة، ترافقها أخطاء محتملة على الرغم من قلّتها.

وبعبارة أُخرى: لا تصل حتّى التواقيع المكتوبة بخطّ الإمام المهديّ عليه‏السلام أو سفرائه بنحو مستقيم ومباشر إلى الجميع، ويمكن أن تتعرّض لأخطاء في أثناء نقلها وقراءتها ونسخها من رواة الطبقة الثالثة والرابعة، مع أنّ قلّة وسائط نقلها ومهارة ناقليها الجليلين (الشيخ الصدوق والشيخ الطوسيّ)، تخفّض من مستوى وأعداد تلك الأخطاء.

1.. ربّما يزداد احتمال التقيّة والتورية في الأحاديث المكتوبة؛ لإمكانيّة وقوع تلك النصوص بأيدي الحكّامالجائرين، ولكنّ الإمام عليه‏السلاموالسفراء والرواة اتّبعوا تدابير قلّلت من أرضيّة الحاجة إلى التقيّة، مثل: استخدام التعابير الرمزيّة، ومحاكاة التواقيع لفتاوى الفقهاء، وتقليل الرسائل عند تأزّم الأوضاع الأمنيّة، واستعمال الوكلاء والمبعوثين الخاصّين المجهولين.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
14

تقييم التوقيعات

نقلت أغلب توقيعات ورسائل إمام العصر عليه‏السلام في كتابين معتبرين ومشهورين، هما: كمال الدين للشيخ الصدوق، والغيبة للشيخ الطوسيّ، ولهذا لا توجد مشكلة من حيث المصادر والمراجع، إضافة إلى أنّ أكثرها مذكور بسند متّصل غاية في الاعتبار وقليل الوسائط، ولكن بسبب كثرة اهتمام علماء الرجال بأسناد الأحاديث الفقهيّة أو الموجودة في الكتب الأربعة، فإنّ بعض رواة هذه الأسناد لم يتمّ تعريفه.

ومع هذا فعدد غير قليل من أسناد هذه التواقيع تعدّ معتبرة مع التشدّد المتداول في علم الرجال، وأسناد بعض الأحاديث التي نقلها الشيخ الطوسيّ في تهذيب الأحكام وكتاب الغيبة، تعتبر متّصلة وصحيحة رسميّاً.۱

طبيعيّ أنّ هذا لايعني عدم صحّة بقيّة التواقيع ؛ لأنّ بعضها نُقل عن طريق مشايخ الشيخ الصدوق، وقد اعتبر بعض علماء الرجال المشايخ الذين «ترضّى عليهم»۲ الشيخُ الصدوق من الممدوحين۳، وبعض التوقيعات أيضا لها شهرة واستفاضة ؛ كدعاء إمام العصر عليه‏السلام لولادة الشيخ الصدوق، ولعن الشلمغانيّ.۴

كما أنّ تقييم الأحاديث لا ينحصر بتقييم أسنادها فقط، بل يمكن ـ كما فعل القدماء ـ تدقيق محتواها للعثور على قرائن صدقها، والتيقّن من سلامة مضمونها، وهو الأُسلوب الذي اهتمّ به الشيخ الصدوق جيّداً في كتاب عدّة الأُصول، وانتهجه في تدقيق وتقييم

1.. بحثنا اعتبار أسناد التوقيعات وذكرناه في آخر الروايات، راجع على سبيل المثال: ص ۳۷ ح ۶۶۹ الغيبةللطوسي وص ۴۰ ح ۶۷۱ (كمال الدين) و ص ۴۹ ح ۶۸۳ (كتاب من لا يحضره الفقيه) و ص ۴۹ ح ۶۸۴ (كمال الدين) و ص ۵۲ ح ۶۸۶ (تهذيب الأحكام) وغيرها، كما يمكن الوقوف على صحّتها عن طريق البرنامج الألكترونيّ «دراية النور».

2.. نقصد من «ترضّى عليهم»: أنه ذكر عبارة رضى‏الله‏عنه أو ما ناظرها بعد أسمائهم راجع: كمال الدين: ص ۴۴۵ ـ ۴۵۱ ح ۱۹ و ... .

3.. راجع: فوائد الوحيد: ص ۵۳ ومقباس الهداية: ص ۲۷۵.

4.. راجع: ص ۳۸ ح ۶۶۹ الغيبة للطوسيّ و ص ۱۵۹ (الفصل الثالث / استجابة دعائه عليه‏السلام للصدوق الأوّل).

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12412
صفحه از 458
پرینت  ارسال به