أحدهما: أنّ هذا التوقيع يتعلّق بوقف لا تُدفع أرباحه إلى الموقوف عليهم، أمّا رواية أبي ولاّد فتتعلّق بعمل سلطان يشتمل على كثير من الأموال المباحة والمشتركة بين المسلمين، مثل قسم من الأراضي العامّة، أو بعض منها جزء من الأنفال وهي ملك للإمام، وأُجيز للشيعة الاستفادة منها، والفرق معلوم بين موضوعي الحديثين.
والآخر: لعلّ المراد من التوقيع مجرّد الكراهة، وفي هذه الحالة يختفي عدم التوافق بينه وبين الأحاديث۱. وذهب علماء آخرون إلى أنّ احتمال الكراهة وارد أيضا.۲
ورأى السيّد بحر العلوم أنّ الاستحباب أساساً يكمن في الابتعاد عن مثل هذه الأموال. وأضاف: «بل الاستفادة منها مكروه». ولم يخالفه أحد.۳
واعتقد بعض آخر بعدم إمكانيّة الجمع بين التوقيع وسائر الأحاديث، ولم يجدوا ملجأ غير اليأس من التوقيع وحمله وتأويله ؛ بسبب قوّة وكثرة الروايات الأُخرى، واجتماع آراء الفقهاء القدامى.۴
واعتقد المحدّث البحرانيّ أنّ طريق الجمع في الوجهة الاُصوليّة هو تقييد بقيّة الأحاديث بهذا التوقيع، ونتيجته عدم جواز الاستفادة إلاّ في فرض العلم بأنّ للظالم أموالاً حلالاً أُخرى ؛ ولأنّ هذه النتيجة تخالف ظاهر اتّفاق فقهائنا المعتقدين بالمنع فقط عند العلم بحرمة المال، لم يرَ عمليّاً إمكان تقييد سائر الأحاديث، ومن هنا فقد طرح هذا الاحتمال وهو القول بأنّ ظاهر السؤل في هذا التوقيع يبيّن علم السائل بعدم امتلاك الوكيل لأموالٍ سوى مال الوقف، ولذلك أجاب الإمام عليهالسلام بأنّه لو كان له مال آخر فلا مانع، وإذا لم يكن فلا
1.. وسائل الشيعة: ج ۱۷ ص ۲۱۷ ـ ۲۱۸.
2.. راجع: الأنوار اللوامع: ج ۱۱ ص ۵۸ وجواهر الكلام: ج ۲۲ ص ۱۷۲.
3.. بلغة الفقيه: ج ۱ ص ۳۳۵.
4.. تٌراجع عدّة مصادر، منها: مفتاح الكرامة: ج ۱۲ ص ۳۸۴ ورياض المسائل: ج ۸ ص ۲۰۷ والمناهل: ص ۳۰۳وجواهر الكلام: ج ۲۲ ص ۱۷۲.