139
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

هذا الباب بحديث أبي ولاّد المعتبر الذي سأل الإمام الصادق عليه‏السلام:

ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلاّ من أعمالهم، وأنا أمرّ به فأنزل عليه فيُضيفني ويُحسن إليّ، وربّما أمر لي بالدرهم۱ والكسوة، وقد ضاق صدري من ذلك؟ فقال له الإمام عليه‏السلام:

كُل وخُذ مِنهُ، فَلَكَ المَهنَأُ، وعَلَيهِ الوِزرُ.۲

وأمّا هذا التوقيع فالسؤل فيه عن وكيل وقفٍ لا يتورّع عن التصرف في المال الموقوف بغير حِلّه، فهل يجوز الأكل من طعامه، ومشاطرة أحد في هديّة أهداها ذلك الوكيل إليه؟ فأجاب الإمام عليه‏السلام:

إن كانَ لِهذَا الرَّجُلِ مالٌ أو مَعاشٌ غَير ما في يَدِهِ، فَكُل طَعامَهُ وَاقبَل بِرَّهُ، وإلاّ فَلا.

ولكنّ الفقهاء طرحوا ثلاثة آراء في الانتفاع من أموال الآخرين ؛ كتلبية دعوة الضيافة، وأخذ الجوائز والهدايا، ومنعوا الاستفادة من المال في حالة التيقّن بحرمته العينيّة فقط، وإذا كان فيه مجرّد شكّ وشبهة ـ كما في أموال الحكّام الجائرين ـ فأقصى ما يصل إليه الحكم هو الكراهة بدون التفريق بين العلم بأنّ للشخص مالاً حلالاً أيضاً أم لا، وعدم العلم بحرمة المال المستفاد يكفي لوحده في الجواز بنظرهم.۳

وهذا ما جعل عدّة فقهاء يرون عدم ملاءمة ظاهر التوقيع مع الحكم الكلّيّ المذكور والمطابق لأحاديث أُخرى، وانبروا لحلّ هذه المشكلة، فجمع الشيخ الحرّ العامليّ كلّ أحاديث الموضوع في باب واحد، وانطوت إشارته إلى رواية أبي ولاّد في المتن والهامش على محاولة للتوضيح والجمع بين هذا التوقيع وبقيّة الأحاديث، فعرض وجهين في هذا الصدد:

1.. في تهذيب الأحكام : ج ۶ ص ۳۳۸ ح ۶۱ : «بالدراهم» .

2.. كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۳ ص ۱۷۵ ح ۳۶۶۲ .

3.. راجع: مفتاح الكرامة: ج ۱۲ ص ۳۸۳ ـ ۳۸۴.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
138

القاعدة وموضع تأييد الفقهاء، كما اعتبر ابن إدريس ذات العرق أفضل على فرض التقيّة.۱

ولوجود بعض الأحاديث التي ظاهرها تقييد هذا الميقات بمنطقتي المسلخ والغمرة، حدا بالمحدّث البحراني ـ من غير الفقهاء الذي أشرنا إليهم ـ أن يميل إلى القول بأنّ تأخير الإحرام إلى ذات العرق يجوز فقط عند وجود عذر مقبول كالمرض والتقيّة، واعتبر الشاهد على قوله هذا التوقيع الذي ظاهره الجواز في حالة التقيّة.۲

ورأى الاحتياط في ذلك فقهاء آخرون، مثل الفاضل الهنديّ والسيّد عليّ الطباطبائيّ.۳

وبعض آخر قال بالاحتياط في الإحرام بالمناطق الثلاث، واعتبروه جائزاً من أساسه، ولم يروا أنّ التوقيع مانع، وحاله حال الأحاديث المقيّدة الاُخرى. ورجّح قسم من العلماء ـ كالمحقّق النراقيّ والشيخ كاشف الغطاء ـ الأحاديث الأُخرى عند التعارض۴، في حين حمل عدّة فقهاء ـ كالسيّدين محسن الحكيم وأحمد الخوانساريّ ـ أمر الإمام في التوقيع على الأفضليّة.۵

۵۰. حكم المال المحفوف بالشبهة (ح ۶۹۱ / ۱۵)

يُعدّ السؤل عن حكم الاستفادة من أموال الذين يستلمون أُجوراً من الحكومات الجائرة أحد مواضع الابتلاء المذكورة في أحاديث متعدّدة، وممّا تناوله الفقهاء ببحوث مفصّلة حملت عدّة عناوين، مثل: حكم أخذ الجوائز والهدايا من السلاطين وحكّام الجور.

وأفرد الشيخ الحرّ العامليّ باباً لهذا الموضوع۶، وأدرج هذا التوقيع في نهايته، وصدّر

1.. السرائر: ج ۱ ص ۵۲۸.

2.. الحدائق الناضرة: ج ۱۴ ص ۴۴۱.

3.. كشف اللثام: ج ۵ ص ۲۱۰، رياض المسائل: ج ۶ ص ۱۶۰.

4.. مستند الشيعة: ج ۱۱ ص ۱۷۲، أنوار الفقاهة كتاب الحجّ: ص ۸۵.

5.. مستمسك العروة الوثقى: ج ۱۱ ص ۲۶۲، جامع المدارك: ج ۲ ص ۳۶۲.

6.. راجع: وسائل الشيعة: ج ۱۷ ص ۲۱۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12062
صفحه از 458
پرینت  ارسال به