هذا الباب بحديث أبي ولاّد المعتبر الذي سأل الإمام الصادق عليهالسلام:
ما ترى في رجل يلي أعمال السلطان ليس له مكسب إلاّ من أعمالهم، وأنا أمرّ به فأنزل عليه فيُضيفني ويُحسن إليّ، وربّما أمر لي بالدرهم۱ والكسوة، وقد ضاق صدري من ذلك؟ فقال له الإمام عليهالسلام:
كُل وخُذ مِنهُ، فَلَكَ المَهنَأُ، وعَلَيهِ الوِزرُ.۲
وأمّا هذا التوقيع فالسؤل فيه عن وكيل وقفٍ لا يتورّع عن التصرف في المال الموقوف بغير حِلّه، فهل يجوز الأكل من طعامه، ومشاطرة أحد في هديّة أهداها ذلك الوكيل إليه؟ فأجاب الإمام عليهالسلام:
إن كانَ لِهذَا الرَّجُلِ مالٌ أو مَعاشٌ غَير ما في يَدِهِ، فَكُل طَعامَهُ وَاقبَل بِرَّهُ، وإلاّ فَلا.
ولكنّ الفقهاء طرحوا ثلاثة آراء في الانتفاع من أموال الآخرين ؛ كتلبية دعوة الضيافة، وأخذ الجوائز والهدايا، ومنعوا الاستفادة من المال في حالة التيقّن بحرمته العينيّة فقط، وإذا كان فيه مجرّد شكّ وشبهة ـ كما في أموال الحكّام الجائرين ـ فأقصى ما يصل إليه الحكم هو الكراهة بدون التفريق بين العلم بأنّ للشخص مالاً حلالاً أيضاً أم لا، وعدم العلم بحرمة المال المستفاد يكفي لوحده في الجواز بنظرهم.۳
وهذا ما جعل عدّة فقهاء يرون عدم ملاءمة ظاهر التوقيع مع الحكم الكلّيّ المذكور والمطابق لأحاديث أُخرى، وانبروا لحلّ هذه المشكلة، فجمع الشيخ الحرّ العامليّ كلّ أحاديث الموضوع في باب واحد، وانطوت إشارته إلى رواية أبي ولاّد في المتن والهامش على محاولة للتوضيح والجمع بين هذا التوقيع وبقيّة الأحاديث، فعرض وجهين في هذا الصدد: