وظاهر تلك الأحاديث ليس على نسق واحد، فبعضها تجيز رفع الرأس ووضعه على المحلّ المناسب، وبعضها الآخر أمر بجرّ الجبهة إلى ما يصحّ السجود عليه. وهذا التوقيع الشريف من المجموعة الأُولى إجمالاً، ولهذا قام الفقهاء ببحوث متعدّدة في كيفيّة المواءمة بين ظواهر هذه الأحاديث واستنباط حكم منها، وقال كثير منهم بالتفصيل في الحكم، ومنه التفريق بين المكان المرتفع وغيره.
وطريقة استنتاج الفقهاء من هذا التوقيع وتقييمهم له ليست على نهج واحد، فبعضهم يئس منه ولم يره مؤّلاً للاستدلال به ؛ لظنّه بضعف سنده بناءً على رواية الطبرسيّ الذي نقله بنحو مرسل۱، ولنوع من الاضطراب والإجمال في المتن وبخاصّة قيد «ما لَم يستَوِ جالِساً» الذي رأوه مخالفاً لعدّة أحاديث أُخرى.۲
وأمّا أغلبهم فاعتبروه صالحاً للاستناد إليه وإن رأوا في ظاهره نوعاً من الإجمال، وعدّوه بنحوٍ ما دليلاً أو مؤّداً لمدّعاهم، سيّما وأنّ الشيخ الطوسيّ رواه بسند معتبر وصحيح، خلافاً لنقل الطبرسيّ الذي روى مجموعة أسئلة الحميريّ مرسلةً، ويبدو أنّ مصدره هو رواية الشيخ الطوسيّ.
ومن الفقهاء الذين لهم الرأي الأخير: آية اللّه السيّد عبد الحسين اللاّري، وآية اللّه الشيخ عبد الكريم الحائريّ، وآية اللّه البروجرديّ، وآية اللّه الأراكيّ.۳
وأكّد بعض هؤاء الفقهاء على الاعتبار السنديّ لهذا التوقيع الشريف، وأفضل شرح ودفاع عن اعتبار سنده ومتنه هو ما كتبه آية اللّه السيّد الخوئيّ، حيث أشار إلى إشكال بعض الفقهاء على السند والمتن، وأكّد صحّة سند الشيخ الطوسيّ إلى الحميريّ بواسطة