119
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث

الشهيد الثاني إلى قبول بعض الفقهاء بذلك وعملهم به۱، وصرّح بأنّ هذا القول ليس من أُصول مذهب الشيعة، بل بعيد عن إجماع المسلمين ؛ لأنّ المهر ثابت في ذمّة الرجل استناداً إلى القرآن والسنّة بأيّ صورةٍ كانت، ولا فرق بين مختلف الحالات.

ولهذا انبرى فقهاؤا في الماضي إلى توضيح وشرح هذه الأحاديث بنحوٍ يتلاءم فيه معناها الظاهريّ مع الأدلّة الواضحة الأُخرى، ومن بين أُولئك الفقهاء الشيخ الطوسيّ الذي قال بأنّ نفي المهر يتعلّق بما إذا ادّعته المرأة من دون بيّنة، وأمّا لو امتلكت البيّنة فيجب أن يدفع لها مهرها.۲

واحتمل بعض العلماء ـ كالشيخ الحرّ العامليّ ـ أنّ القصد من عدم استحقاق المرأة للمهر بعد الدخول، هو أنّه ليس لها الامتناع عن التمكين بسبب عدم استلام المهر، ولا يعطيها طلب المهر مثل هذا الحقّ.۳

ولعلّ منشأ السؤل في التوقيع هو الفهم الخاطئ لظاهر بعض الأحاديث، ويمكن أن يتعلّق بمقام النزاع ودعاوى الزوج والزوجة أو الورثة، وبخاصّة لو ضمّت إليه قرينة جواب الإمام عليه‏السلام، ولكن مهما يكن فجوابه يطابق القاعدة، وواضح أنّه يتعلّق بالحجّة الظاهريّة في الدعوى، وهو إطار شرعيّ مقرّر لحلّ مثل هذه المنازعات، ولهذا يعتبر في عداد أحاديث الدعوى بدون بيّنة وفقاً لرأي الشيخ الطوسيّ.

ذكر العلاّمة الحلّيّ۴ وأكّد آية اللّه‏ الشبيريّ الزنجانيّ۵ أنّ هذه الأحاديث ـ وفي ضمنها توقيع الإمام عليه‏السلام ـ ناظرة إلى عادات وأعراف ذلك الزمن الذي يُسلّم فيه المهر للزوجة قبل الدخول بها، وطبيعيّ أنّ دعوى المرأة بعد ذلك بأنّ كلّ المهر أو بعضه لم يدُفع إليها، يحتاج

1.. مسالك الأفهام: ج ۸ ص ۲۲۴.

2.. راجع: تهذيب الأحكام: ج ۷ ص ۳۶۰.

3.. وسائل الشيعة: ج ۲۱ ص ۲۵۷.

4.. راجع: المقنعة: ص ۵۰۹ ـ ۵۱۰ ومختلف الشيعة: ج ۷ ص ۱۵۵.

5.. راجع : كتاب النكاح: ج ۲۴ ص ۷۴۶۳ ـ ۷۴۶۴.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
118

ينوي من قبل إعطاء الصدقة لأحد الشيعة، هل يمكنه دفعها لأقاربه المحتاجين؟ فجاء الجواب الترجيحي الأوّل للإمام عليه‏السلام:

يَصرِفُهُ إلى أدناهُما وأقرَبُهُما مِن مَذهَبِهِ.

وهذا منسجم مع ما روي عن الإمام الباقر عليه‏السلام، حيث سأله السكوني: إنّي ربّما قسمت الشيء بين أصحابي أصلهم به، فكيف أُعطيهم؟ قال الإمام عليه‏السلام:

أعطِهِم عَلَى الهِجرَةِ فِي الدّينِ وَالفِقهِ وَالعَقلِ.۱

مع ذلك ونظراً إلى أنّ هذا النوع من الترجيحات في حكم الزكاة أيضاً يُعدّ من الأُمور الاستحبابيّة وغير الواجبة بعد أصل استحقاق الشخص، فكيف بالصدقات والمساعدات المستحبّة، فلذلك أجاز الإمام عليه‏السلام في الجواب الثاني لمقتضى ملاك آخر وهو الأقارب، فقال بأن يقسم المال بين القرابة وبين الذي نوى حتّى يكون قد أخذ بالفضل كلّه.

ولكنّ هذا الفرض لا يُرى في المصادر الفقهيّة ؛ وقد ذكره الشيخ الحرّ العامليّ تحت عنوان: «باب تأكّد استحباب الصدقة على ذي الرحم والقرابة ولو كاشحاً، وحكم من أراد الصدقة بشيء على شخص ثمّ أراد العدول عنه».۲

۳۵. ادّعاء عدم دفع المهر (ح ۶۹۰ / ۲۷)

من القضايا العرفيّة في موضوع المهر دعوى المرأة عدم دفع الزوج لها، وواضح أنّ الواجب الحقيقيّ للزوج هو أداء المهر بغضّ النظر عن دعوى الزوجة، ويُعدّ من ديون الزوج المتبقيّة بعد موته ؛ ولهذا لا فرق فيه ما بين قبل الدخول وبعده، سوى أنّ للمرأة الامتناع عن التمكين بعد أوّل دخول إلى حين استلامها للمهر.

ومع هذا، فظاهر بعض الأحاديث أنّه ليس للمرأة حقّ المهر بعد الدخول۳، وقد أشار

1.. تهذيب الأحكام: ج ۴ ص ۱۰۱.

2.. وسائل الشيعة: ج ۹ ص ۴۱۳.

3.. راجع: وسائل الشيعة: ج ۲۱ ص ۲۵۵ فما بعدها.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثالث
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 12401
صفحه از 458
پرینت  ارسال به