495
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

التصدّي للانحراف والضلالة

بعد نقل ما تفوّه به الشلمغانيّ من كلام شنيع بين آل بسطام في ادّعاء الحلول والتناسخ، أمر الحسين بن روح باجتنابه وعدم الاكتراث لأقواله، ولكنّ الاتّباع الأعمى للشلمغانيّ من قبل أصحابه، وتظاهره بالاضطهاد، وانتهازيّته وتبريره لأقواله وأفعاله، حال دون ذلك الأمر، ليأخذ حيّزه العمليّ.

كما أدّى اعتقال الحسين بن روح في هذا الوقت إلى ازدياد جرأة الشلمغانيّ في الإفصاح عن ادّعاءاته ؛ ولهذا نشر الحسين بن روح من السجن توقيع الإمام عليه‏السلام بشأن أعمال الشلمغانيّ. وذكر أبو عليّ بن همّام الذي كان الواسطة في نقل هذا التوقيع ونشره.

إنّ أبا القاسم راجع في ترك إظهاره فإنّه في يد القوم وحبسهم، فأُمر بإظهاره وأن لا يخشى ويأمَنَ، فتخلّص وخرج من الحبس بعد ذلك بمدةٍ يسيرَة.۱

فقد الشلمغانيّ اعتباره بعد انتشار هذا التوقيع، وغدا هدفاً للعن الشيعة، ثمّ طلب رؤة الحسين بن روح ودعاه للمباهلة، فلم يقبل الحسين بن روح بهذا الطلب، وأجابه بأنّ أيّ واحد منهما يموت قبل صاحبه فهو على باطل !

ربما جاء رفض الحسين بن روح للمباهلة بسبب أنّ القبول بها يُعدّ ضرباً من الشهرة والأهمّية للشلمغانيّ، وتقديم ذريعة للسلطة للتشدّد في معاملة وكيل الإمام، وإذا ما وفّق الحسين بن روح فسيتعرّض لمطاردة أوسع من قبل الحكومة.۲

من هذه المرحلة فما بعدها ذهب الشلمغانيّ إلى أبعد من النيابة، واعتمد أُسلوب توجيه الشتائم والإهانات۳، كما ادّعى أنّه هو من كتب توقيعات الإمام المهديّ عليه‏السلام

1.. راجع: ج ۳ ص ۳۷ ح ۶۶۹.

2.. الغيبة للطوسي: ص ۳۰۷ ح ۲۵۸.

3.. المصدر السابق: ص ۳۹۱ ح ۳۶۱.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
494

الوزارة هرب الشلمغانيّ إلى الموصل، وحظي بمنزلة عند بني حمدان.۱

عقائد الشلمغانيّ

تسنّى للشلمغانيّ خداع بعض البسطاء بإعلانه عن عقيدة الحلول والتناسخ۲، التي يبدو أنّها طريقة متّبعة لتعبئة المناصرين، ولها جذورها التاريخية.۳

لا توجد لدينا معلومات كافية عن عقائده وأقواله في المقطع الزمنيّ، إلاّ أنّ الشيخ الطوسيّ أورد بعض آرائه بنحو غامض، وأحجم عن ذكر ما تبقّي منها، وقال:

وله حكايات قبيحة واُمور فظيعة ننزّه كتابنا عن ذكرها، ذكرها ابن نوح وغيره.۴

ويبدو أنّ قصد الشيخ الطوسي من «حكايات قبيحة وأُمور فظيعة» هو ادّعاء الحلول.

كما نسب إليه ابن الأثير والذهبيّ عقائد ضالّة كثيرة، فإذا صحّت نسبتها إليه يصحّ قول الشيخ الطوسيّ في عدم نقلها.۵ وأخذت فرق مخالفة للشيعة بعض موادّها الإعلاميّة المضادّة من عقائد الشلمغانيّ وأصحابه، ويُحتمل نسبة كثير غيرها إليه.۶

وجاء في بعض المصادر التاريخية أنّ أحد أصحابه خاطبه بعبارة «إلهي وسيّدي ورازقي» في جلسة محاكمته التي انتهت بصدور حكم الإعدام عليه من قبل السلطة العبّاسية، فأنكر الشلمغاني ذلك لمّا علم أنّه سيؤخذ بها.۷

1.. تجارب الأُمم: ج ۱ ص ۱۲۳ و ج ۵ ص ۱۸۶، الكامل في التاريخ: ج ۱ ص ۵ ص ۱۶۵.

2.. الغيبة للطوسي: ص ۴۰۳ ح ۳۷۸.

3.. نسبوا هذه النظرية إلى الحلاّج أيضاً، وربّما لهذا السبب عرّفوا عقيدة الشلمغانيّ بالحلاّجية.

4.. الغيبة للطوسي: ص ۴۰۶ ح ۳۷۸.

5.. يُحتمل أنّ بعض متعصّبي أهل السنّة نقل هذه الاعتقادات بقبح فاضح لمواجهة حركة التشيّع، ونسبها إلى بعض الشيعة السابقين للانتقام من هذا المذهب؛ لأنّ كثيراً من هذه الأقوال لا تتّفق مع الاتّجاه العلميّ السابق للشلمغانيّ .

6.. راجع: الكامل في التاريخ: ج ۵ ص ۱۶۵.

7.. المصدر السابق : ص ۱۶۶.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14134
صفحه از 518
پرینت  ارسال به