والظاهر أنّ الشلمغانيّ في هذا الوقت لم يزل يتخفّى تحت راية حسين بن روح، ولا يوجّه كلاماً ضدّه، ولكنّه أفصح بعد مدّة عن ادّعائه بأنّه شريكه في النيابة، فزعم أنّ الحسين بن روح مسؤل عن القضايا الماليّة، وهو ممثّل عن الإمام عليهالسلام في المسائل العلميّة، ونطق بذلك علناً في كتابه عن الموضوع۱، كما صرّح بأنّه وحسين بن روح ما دخلا في هذا الأمر إلاّ وهما يعلمان ما دخلا فيه.۲
إنّ اقتفاء المسيرة الضالّة للشلمغانيّ وأقواله، يميطان اللّثام عن تصعيده لادّعاءاته مرحلة بعد أُخرى، وتموضعه في مقابل الحسين بن روح والإمام عليهالسلام أيضاً، ولكنّ الحسين بن روح لم يعره أُذناً صاغية، فأغضبته هذه اللاّمبالاة بنحوٍ عمد فيه إلى تشويه الاعتقاد بالإمام المهديّ عليهالسلام والوكالة، فادّعى في النهاية أنّه النائب الخاصّ وأنّ الحسين بن روح كاذب مفترٍ، ثمّ دعاه إلى المباهلة.۳
إلاّ أنّه لم يحالفه التوفيق في إحراز مكانة أفضل، ودفعه حسده إلى تدمير كلّ شيء، فأعلن بكلّ جرأة ونقض للالتزامات أنّ دافعه ودوافع جميع المنتسبين لمنظومة الوكالة إنّما هو السعي وراء الدنيا وانتهاز الفرص المؤتية.
تعبئة الشلمغانيّ لمؤّديه
طفق محمّد بن عليّ الشلمغانيّ يروّج لنفسه بين الفرق المعروفة والمتميّزة، خلافاً لابن هلال وابن بلال اللّذينِ حاولا تجنيد عموم الجماهير لنصرتهما، فذاع أوّل ادّعاءاته بين بني بسطام، وهم أُسرة معروفة وبعض أعضائها من كتّاب السلطة الحاكمة۴، كما عُدّ الوزير العبّاسيّ ابن فرات من أنصاره أيضاً۵، وبعد عزله من
1.. الغيبة للطوسي: ص ۳۹۱ ح ۳۶۰.
2.. المصدر السابق: ص ۳۹۱ ح ۳۶۱.
3.. المصدر السابق: ص ۳۰۷ ح ۲۵۸.
4.العبر في خبر من غير: ج ۱ ص ۳۰۳.
5.آل بني فرات كآل بني بسطام ، من حيث إنّ كليهما من الجماعات المتنفّذة اجتماعيّاً وسياسيّاً في ذلك الوقت.