493
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

والظاهر أنّ الشلمغانيّ في هذا الوقت لم يزل يتخفّى تحت راية حسين بن روح، ولا يوجّه كلاماً ضدّه، ولكنّه أفصح بعد مدّة عن ادّعائه بأنّه شريكه في النيابة، فزعم أنّ الحسين بن روح مسؤل عن القضايا الماليّة، وهو ممثّل عن الإمام عليه‏السلام في المسائل العلميّة، ونطق بذلك علناً في كتابه عن الموضوع۱، كما صرّح بأنّه وحسين بن روح ما دخلا في هذا الأمر إلاّ وهما يعلمان ما دخلا فيه.۲

إنّ اقتفاء المسيرة الضالّة للشلمغانيّ وأقواله، يميطان اللّثام عن تصعيده لادّعاءاته مرحلة بعد أُخرى، وتموضعه في مقابل الحسين بن روح والإمام عليه‏السلام أيضاً، ولكنّ الحسين بن روح لم يعره أُذناً صاغية، فأغضبته هذه اللاّمبالاة بنحوٍ عمد فيه إلى تشويه الاعتقاد بالإمام المهديّ عليه‏السلام والوكالة، فادّعى في النهاية أنّه النائب الخاصّ وأنّ الحسين بن روح كاذب مفترٍ، ثمّ دعاه إلى المباهلة.۳

إلاّ أنّه لم يحالفه التوفيق في إحراز مكانة أفضل، ودفعه حسده إلى تدمير كلّ شيء، فأعلن بكلّ جرأة ونقض للالتزامات أنّ دافعه ودوافع جميع المنتسبين لمنظومة الوكالة إنّما هو السعي وراء الدنيا وانتهاز الفرص المؤتية.

تعبئة الشلمغانيّ لمؤّديه

طفق محمّد بن عليّ الشلمغانيّ يروّج لنفسه بين الفرق المعروفة والمتميّزة، خلافاً لابن هلال وابن بلال اللّذينِ حاولا تجنيد عموم الجماهير لنصرتهما، فذاع أوّل ادّعاءاته بين بني بسطام، وهم أُسرة معروفة وبعض أعضائها من كتّاب السلطة الحاكمة۴، كما عُدّ الوزير العبّاسيّ ابن فرات من أنصاره أيضاً۵، وبعد عزله من

1.. الغيبة للطوسي: ص ۳۹۱ ح ۳۶۰.

2.. المصدر السابق: ص ۳۹۱ ح ۳۶۱.

3.. المصدر السابق: ص ۳۰۷ ح ۲۵۸.

4.العبر في خبر من غير: ج ۱ ص ۳۰۳.

5.آل بني فرات كآل بني بسطام ، من حيث إنّ كليهما من الجماعات المتنفّذة اجتماعيّاً وسياسيّاً في ذلك الوقت.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
492

ضلال وانحراف الشلمغانيّ

تلقّى المجتمع الشيعيّ صدمة شديدة من جرّاء انحراف الشلمغانيّ؛ نظراً لما أحرزه من مكانة اجتماعيّة وعلميّة متميّزة، ومنح التوقيت الزمنيّ لإظهار ضلاله أهمّية خاصّة لهذه الحادثة؛ لأنّها وقعت والحسين بن روح مُلقىً في السجن وليس له اتّصال مباشر مع الشيعة. وبعبارة أُخرى: حينما بلغت الحاجة ذروتها للشلمغانيّ بصفته واسطة الحسين بن روح، انحرفت تلك الواسطة المتميّزة عن الطريق المستقيم.

بدأت أُولى علامات ضلاله بالقول بالحلول، أشار إلى ذلك ابن همّام وبيّن أنّ أوّل كلام منكر سمعه من الشلمغانيّ يُشبه ما يصدر عن القائلين بالحلول، فذكر أنّ الحقّ واحد وإنّما تتباين مظاهره، فيوم يظهر في قميص أبيض، وآخر في أحمر، وثالث في أزرق.۱

ونقلت أُمّ كلثوم بنت محمّد بن عثمان النائب الثاني للإمام المهديّ عليه‏السلام حكاية عن أحد أنصار الشلمغانيّ تشير إلى قوله بانتقال روح رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إلى محمّد بن عثمان النائب الثاني، وروح أمير المؤنين عليه‏السلام إلى بدن الحسين بن روح النائب الثالث، وروح فاطمة الزهراء عليهاالسلام إلى اُمّ كلثوم.۲ وذكر هذا القول بطريقة غاية في الدهاء والسرّ ولأشخاص مخصّصين.

1.. الغيبة للطوسي: ص ۴۰۸ ح ۳۸۰.

2.. المصدر السابق: ص ۴۰۳ ح ۳۷۸.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14093
صفحه از 518
پرینت  ارسال به