491
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

الالتفات إلى الأخبار المتباينة الواردة في كتاب الغيبة ـ وقد أدرجنا بعضاً منها أثناء البحث، وسنذكر بعضها الآخر في تكملته ـ يوضّح أنّ قربه للحسين بن روح ومرافقته له وإجابته عن الأسئلة نيابة عنه، أوحت إلى الناس أنّه الباب والطريق إلى الحسين بن روح، وإن لم يُعط هذا المنصب بنحوٍ رسمي.

من جهة أُخرى، يداعب هذا المقام مخيّلة شخص طموح مثل الشلمغاني ليتصوّر أنّه في وسعه أن يتصدّى مستقلاًّ لهذا العمل ويخرج عن ظلّ الحسين بن روح، فيعتبر نفسه هو الوكيل للإمام المهديّ عليه‏السلام.

إنّ رذائله الأخلاقية القابعة في ثنايا شخصيّته برزت منذ هذه المرحلة الزمنية، ونجم عنها غوايته وسقوطه التدريجيّ.

المكانة العلميّة للشلمغانيّ

أُشير في الكتب المتناولة لموضوع الغيبة إلى المكانة العلميّة للشلمغانيّ، فذكره ابن همّام أحد خصومه الألدّاء بأنّه «كان فقيهاً من فقهائنا».۱ وجاء في الغيبة للطوسيّ أنّه عندما صدر لعن الشلمغاني، سُئل الحسين بن روح عن كتبه: كيف نفعل بها وبيوتنا منه ملاء؟.۲

سؤل الناس هذا يُفصح عن شهرة الشلمغانيّ العلميّة المتأتّية من كتاباته الحديثيّة وغيرها قبل زمن انحرافه، وحتى قبل التعاون مع الحسين بن روح. فعدّ له النجاشيّ كتباً كثيرة تعرب عن ذوقه في الكتابة، وعرض لآرائه، وتعتبر شهرة كتابه التكليف الموصوف بعبارة «وبيوتنا منها ملاء» نموذجاً ساطعاً على نشاطات الشلمغانيّ في المراحل الأُولى من حياته.۳

1.. الغيبة للطوسي: ص ۴۰۸ ح ۳۸۱.

2.. الغيبة للطوسي: ص ۳۸۹ ح ۳۵۵.

3.. رجال النجاشي: ص ۳۷۸ الرقم۱۰۲۹.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
490

معروفي الشيعة وكبارهم، ثمّ ضلّوا وخانوا جماعتهم.

۵. محمّد بن عليّ الشلمغانيّ (ابن أبي العزاقر)

محمّد بن عليّ الشلمغانيّ من قرية شلمغان التابعة لواسط في العراق. وبداية حياته مجهولة، فشهرته ظهرت بعد أيّام وكالة الحسين بن روح النائب الثالث للإمام المهديّ عليه‏السلام، حيث شهد منزل الشلمغانيّ أوّل لقاء لحسين بن روح مع الشيعة بعد شروع نيابته الخاصّة۱، ثمّ أخذ يلتقي الناس بصفته نائباً لحسين بن روح وواسطة بينه وبينهم، فيجمع أسئلتهم ويُسلّمهم أجوبة الإمام.۲ وبعبارة أُخرى: لايعتبر ممثّلاً عن الإمام المهديّ عليه‏السلام، بل معاونا لحسين بن روح يؤّي بعض الأعمال التي يوكلها إليه.

وصفته أُمّ كلثوم ابنة النائب الثاني بأنّه كان وجيهاً بين بني بسطام؛ لأنّ الحسين بن روح رضى‏الله‏عنه جعل له بين الناس كرامة منزلة.۳

وتابع وظائف منصب وكيل الإمام نيابة عن حسين بن روح حينما عاش متخّفياً لعدّة أسباب.۴ ويبدو أنّ الشلمغانيّ من ناحية نفسيّة وشخصيّة افتقد القدرة اللاّزمة لتحمّل المقام الذي تهيّأ له، فابتُلي بالغرور وتعظيم الذات.

ونبذه أبو عليّ محمّد بن همّام نائب الشلمغانيّ من قبل الحسين بن روح، وقال بأنّ الشلمغانيّ لم يكن أبداً ممثّلاً خاصّاً لحسين بن روح ولاحلقة وصل بينه وبين الناس، كما أنّ ابن روح لم يعيّنه قطّ لهذا المقام، وكلّ من يدّعي هذا القول فقد وقع في الخطأ.۵

1.. سير أعلام النبلاء: ج ۱۵ ص ۲۲۲ الرقم ۸۵.

2.. الغيبة للطوسي: ص ۳۰۲ ح ۲۵۶.

3.. المصدر السابق: ص ۴۰۳ ح ۳۷۸.

4.. راجع: ج ۳ ص ۱۸۹ ح ۷۲۹ الغيبة للطوسي.

5.. الغيبة للطوسي: ص ۴۰۸ ح ۳۸۱.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14336
صفحه از 518
پرینت  ارسال به