الالتفات إلى الأخبار المتباينة الواردة في كتاب الغيبة ـ وقد أدرجنا بعضاً منها أثناء البحث، وسنذكر بعضها الآخر في تكملته ـ يوضّح أنّ قربه للحسين بن روح ومرافقته له وإجابته عن الأسئلة نيابة عنه، أوحت إلى الناس أنّه الباب والطريق إلى الحسين بن روح، وإن لم يُعط هذا المنصب بنحوٍ رسمي.
من جهة أُخرى، يداعب هذا المقام مخيّلة شخص طموح مثل الشلمغاني ليتصوّر أنّه في وسعه أن يتصدّى مستقلاًّ لهذا العمل ويخرج عن ظلّ الحسين بن روح، فيعتبر نفسه هو الوكيل للإمام المهديّ عليهالسلام.
إنّ رذائله الأخلاقية القابعة في ثنايا شخصيّته برزت منذ هذه المرحلة الزمنية، ونجم عنها غوايته وسقوطه التدريجيّ.
المكانة العلميّة للشلمغانيّ
أُشير في الكتب المتناولة لموضوع الغيبة إلى المكانة العلميّة للشلمغانيّ، فذكره ابن همّام أحد خصومه الألدّاء بأنّه «كان فقيهاً من فقهائنا».۱ وجاء في الغيبة للطوسيّ أنّه عندما صدر لعن الشلمغاني، سُئل الحسين بن روح عن كتبه: كيف نفعل بها وبيوتنا منه ملاء؟.۲
سؤل الناس هذا يُفصح عن شهرة الشلمغانيّ العلميّة المتأتّية من كتاباته الحديثيّة وغيرها قبل زمن انحرافه، وحتى قبل التعاون مع الحسين بن روح. فعدّ له النجاشيّ كتباً كثيرة تعرب عن ذوقه في الكتابة، وعرض لآرائه، وتعتبر شهرة كتابه التكليف الموصوف بعبارة «وبيوتنا منها ملاء» نموذجاً ساطعاً على نشاطات الشلمغانيّ في المراحل الأُولى من حياته.۳