489
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

واعتبره الشيخ الطوسيّ في كتاب الاقتصاد من المشعوِذين۱، كما أنّه أدرج اسمه في باب «ذكر المذمومين الذين ادّعوا البابيّة لعنهم اللّه‏»،۲ ممّا يبيّن أنّ الحلاّج وجميع المدّعين الآخرين مذمومون وملعونون أيضاً لدى الشيعة في القرون اللاّحقة.
العلماء الآتون بعد الشيخ الطوسي سلكوا نهجه في إدانة الحلاّج والمتبنّين لأفكاره۳، حتّى اعتبره الراونديّ۴ وعليّ بن يونس العامليّ۵ مُحتالاً، وشبّهاه بمُسيلمة الكذّاب.
لقد طُرحت شخصيّة الحلاّج بين الشيعة لمجرّد ادّعائه الزائف لوكالة الإمام المهديّ عليه‏السلام، وليس له هوية وتاريخ ومنزلة أُخرى حتّى كشيعيّ خائن؛ ولذلك فهو يختلف جذريّاً عن أمثال: النُّميريّ والبلاليّ والهلاليّ والشلمغانيّ الذين كانوا من

1.. قال الشيخ الطوسيّ في الاقتصاد: ص ۱۷۸: «زرادشت وماني والحلاّج وغيرهم من الممخرقين الذين فسد بهم المشعبذين خلق من الناس».

2.. الغيبة للطوسي: ص ۳۹۷.

3.. رفضه ونبذه الشيخ الطبرسي في الاحتجاج: ج ۲ ص ۵۵۳، والعلاّمة الحلّي في خلاصة الأقوال: ج ۱ ص ۲۷۴، وكذلك أحمد بن فهد الحلّي ، وابن جنيد الإسكافيّ، والسيّد المرتضى علم الهدى راجع في هذا الصدد: نقد الرجال: ج ۲ ص ۱۲۰ الرقم ۱۳۹ / ۱۵۳۵ وجامع الرواة: ج ۱ ص ۲۵۶ ومعجم رجال الحديث: ج ۷ ص ۱۰۳ الرقم ۳۶۷۲ وتهذيب المقال: ج ۲ ص ۲۰۲.

4.. الخرائج والجرائح: ج ۳ ص ۱۰۳۵.

5.. الصراط المستقيم: ج ۱ ص ۸۷.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
488

التوقيع صدر بعد موته بعدّة سنوات، ولم يرد عنه شيء في التوقيعات الصادرة خلال أيّام ادّعائه وحياته.

ونرى أنّ إمام الزمان عليه‏السلام لم يهتمّ بأمر الحلاّج للأسباب الآتية:

۱ ـ افتقار الحلاّج لمكانة معتبرة بين الشيعة، فلم يكن لديه تاريخ ومصداقيّة ومجال مؤّر بضلاله وأباطيله لكي يحدث شرخاً في النهج القويم للتشيّع، أمّا الآخرون ـ كالنُميريّ والشلمغانيّ ـ فقد عُرفوا كشيعة زمناً مديداً، بل حازوا مكانة خاصّة في منظومة الوكالة.

۲ ـ للحلاّج ما يكفي ليجعله عرضة للشكوك والاتّهامات من ادّعاءاته وأعماله وطرقه الأُخرى، مثل: التصوّف، واستخدام الجنّ، والسحر، كما أنّه ليس له كرامة يُعتدّ بها بين الشيعة.

۳ ـ إنّ فطنة ووعي كبار الشيعة حيال هذين الموردين أفضت إلى أن يكون التعريف بالحلاّج لعامّة الناس أكثر سهولة، حتّى إنّ مواجهة أبي سهل النوبختيّ الساخرة له جعلته سخرية للجميع؛ وبناء عليه لايتطلّب أمره موقفاً خاصّاً من إمام العصر عليه‏السلام ومنظومة الوكالة.
كما أنّ استنكار الشيعة له بلغ درجة عالية من الحدّة، حتّى قيل: إنّهم طالبوا بقتله، وظنّ بعضهم أنّ الشيعة هم الذين عبّدوا أرضيّة إعدامه بما لديهم من نفوذ وسلطة.۱ غير أنّه لا دليل تاريخيّ متقن على هذا الخبر، فقتله تمّ بيد الحكومة المعاصرة له.
بعد ذلك تواصل تصدّي كبار الشيعة لأتباع الحلاّج الذي ذكره الشيخ المفيد في المسائل الصاغانيّة مصرّحاً بأنّ الحلاّج والعزاقريّ وأمثالهم من المبطلين المعروفين بالفسق والخروج عن الإيمان۲، ومن أجل مجابهتهم ألّف كتاب الردّ على أصحاب الحلاّج۳، ووصفهم بأنّهم أبعد من المجوس والنصارى عن الشريعة الإسلاميّة.۴

1.. العبر في خبر من غبر: ج ۲ ص ۱.

2.. المسائل الصاغانيّة: ص ۵۸.

3.. رجال النجاشي: ج ۱ ص ۴۰۱ الرقم ۱۰۶۷.

4.. قال الشيخ المفيد في تصحيح الاعتقادات ص ۱۳۴: «الحلاّجية ضرب من أصحاب التصوّف ، وهم أصحاب الإباحة والقول بالحلول... والمجوس والنصارى أقرب إلى العمل بالعبادات منهم، وهم أبعد من الشرائع والعمل بها من النصارى والمجوس».

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14557
صفحه از 518
پرینت  ارسال به