475
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

يفوق بكثير ما تتطلّبه الوكالة المزيّفة؛ لأنّ جميع الشيعة يعلمون أنّ الإمام المهديّ ابن الإمام العسكريّ عليهماالسلام، وقد ولد قبل مئات السنين، ومن أصل رفيع معروف، في حين أنّ دعاة المهدويّة الدجّالين من عشائر وقبائل عادية ومعيّنة، وبناء عليه لا يقبل المجتمع وحتى عامّة الناس دعواهم بسرعة وبساطة.

وبعبارة أُخرى: في وسع الدعاة المفترين أن يزعموا النيابة والوكالة ويحظوا بمنافع دنيويّة عابرة من هذه العلاقة الزائفة بتضليل الرأي العام ومواصلة ادّعاءاتهم من دون مشقّة كبيرة، عن طريق التغيير والتحوير الأساسيّ لأنفسهم ودعاويهم؛ ولذلك تفاقم عدد الانتهازيّين المنتفعين من الوظيفة المقدّسة للنيابة والوكالة.

المحطّات الآتية تعرّف بعض الوجوه البارزة لمدّعي الوكالة الدجّالين، وتسلّط الضوء على جوانب من حياتهم:

۱. الشريعيّ

وهو من أصحاب الإمامين: الهادي والعسكريّ عليهماالسلام ۱، وهو أوّل شخص ادّعى كذباً النيابة والوكالة عن الإمام المهديّ عليه‏السلام. ولا توجد معلومات تسترعي الاهتمام عنه وعن تاريخه، وعن علاقته بمنظومة الوكالة ومدى تأثيره على المجتمع الشيعيّ. وبناء عليه، فالغموض يحول دون أن نعرف شخصيّته وتصرّفاته، غير أنّ مبادرته إلى هذه الدعوى المرجفة غدت سبيلاً إلى شهرته.

ذكر الشيخ الطوسيّ نقلاً عن محمّد بن همّام الذي وصف الشريعيّ بأنّه أوّل من ادّعى مقاماً لم يجعله اللّه‏ له ولا هو حريّ به، فتعمّد الكذب على اللّه‏ وحججه عليهم‏السلام، ونسب إليهم ما لايليق بهم، وهم منه براء، فلعنته الشيعة وتبرّأت منه، وخرج توقيع الإمام عليه‏السلام بلعنه والبراءة منه.

1.. راجع: ج ۳ ص ۳۴ ح ۶۶۵ الغيبة للطوسيّ.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
474

۴ / ۲

دعاة الوكالة الدجّالون

تقع القيم والتعاليم الأصيلة والمقدّسة أحياناً بيد من يتّخذها ذريعة للوصول إلى مقام ومنزلة اجتماعيّة، أو الحصول على إمكانيّات ماليّة وسياسيّة، مستغلاًّ طموح الطبقات المؤنة وحماسها، فيُغطّي بحلل بهيّة ما يُضمره من قبح ذاتيّ، ويسعى وراء تحقيق مصالحه بادّعاءات باطلة وأنساب مفتراة.

واحد من أهمّ مجالات هذا الاستغلال السيّئ ـ الذي ظهر منذ أزمنة قديمة ـ مفهوم «المنقذ» والأشخاص المرتبطون بهذا الفكر المتفائل، فتشهد المجتمعات الدينيّة أحياناً ـ وبخاصّة الشيعيّة منها ـ دعوات كاذبة تتعلّق بقائم آل محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، والنيابة والوكالة عنه، يصوّر أصحابها أنّهم حملة رسالة من الإمام المهديّ عليه‏السلام وعليهم إبلاغها، أو يتحدّثون عن علاقة قريبة ووطيدة بالإمام من دون ادّعائهم للنيابة والوكالة، أو يرّوجون لقرب الظهور ويعرّفون ذواتهم بأنّهم الممهّدون له، وإذا ما شاهدوا أوضاعاً مؤتية، وامتلكوا الجرأة الكافية، لم يتردّدوا في اعتبار أنفسهم المهديّ المنتظر.

يمكن عرض نماذج كثيرة لدعوات الوكالة والنيابة الزائفة للإمام المهديّ عليه‏السلام. والباعث على كثرة الوكالة المدّعاة ـ بصفتها مساراً زائغاً عن العقيدة المهدويّة الأصيلة ـ هو أنّ الجماهير غير الواعية تتلقّاها بقبول أكثر يسراً وسرعة من دعوى أصل المهدويّة، فكلّما ادّعى أشخاص مقدّسون ومراؤن الوكالةَ والنيابة الكاذبة ظفروا بمساندة البسطاء وترحيب السذّج؛ بسبب العلاقة العاطفيّة للناس مع الإمام المهديّ عليه‏السلام، ولا يقف في وجههم سوى المؤمنين الواعين والعقائديّين العقلانيّين.

أمّا ادّعاء المهدويّة الكاذبة، فتتطلّب جهداً أكثر ومزيداً من الحذاقة والخداع

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14142
صفحه از 518
پرینت  ارسال به