بادر السعوديّون بعد فشل الحادثة المذكورة إلى حثّ كثير من العلماء على تأليف كتب في أخبار المهديّ وآخر الزمان ؛ بهدف الحيلولة دون وقوع أمثال تلك الحركة، فجاء ظاهر عدد من هذه الرسائل والكتب ـ و التي طُبعت كراراً في السنوات اللاّحقة ـ بأنّها تروم التثقيف العلميّ وتقديم الآراء السليمة في الموضوع.
وطُبعت إصدارات كثيرة عن حقيقة حركة جُهيمان، ولكنّ مثار أهمّية ظهور هذا المهديّ أنّه برز هذه المرّة أيضاً نظير كثير جدّاً من سابقاتها بين أهل السنّة، بل السلفيّين منهم، لا من بين الشيعة، إلاّ أنّ أمراً واحداً يبعث على التوافق بين المذهبين، هو حضور السنّة من أهل الحديث والشيعة الأخباريّين وسلوكهم هذا الطريق بعد تدبّرهم في أحاديث الملاحم والفتن القابعة بين طيّات صحيحي البخاريّ ومسلم وسنن أبي داود وغيرها، و عادة ما تبرز مثل هذه الاتّجاهات ـ أيضاً ـ في المذهب الشيعيّ بين من يولي اهتماماً فائقاً للأخبار.
بدأت جذور هذه الحادثة بالنموّ عند دخول أفكار جمال عبد الناصر والصحف الأجنبيّة إلى السعوديّة في بداية الخمسينات، فانفتحت الأجواء، وطفقت اللاّدينيّة بالاتّساع، فكتب في الموضوع أحد العلماء السلفيّين من الكويت رسالة إلى ابن باز، وناشده أن يطلب من الحكومة منع الصحف الأجنبيّة. وقيل: إنّ أكثر شباب ذلك الوقت ليسوا من المصلّين، ومن يؤّي الصلاة هم الشيوخ فقط.
وحينها طُرح بحث الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتشكّلت جماعات في مناطق متعدّدة، منها: المدينة، حيث عُدّ جُهيمان نفسه من الأشخاص الذين أسّسوا «جماعة الحسبة» أو «الجماعة السلفيّة المحتسبة» وتولّوا قيادتها، وتأثّروا بناصر الدين الألبانيّ الذي أثّرت أفكاره في جامعة المدينة.
والجماعة الجديدة اقتفت من جهة تعاليم الألبانيّ بصفته زعيماً علميّاً، ومن جهة أُخرى وقعت تحت تأثير ابن باز بصفته قائداً روحيّاً لهم، واعتبروا أنفسهم سلفيّين وأهل حديث حقيقيّين، وهم توليفة من طلّاب العلوم الدينيّة الذين ينحدرون من بعض القرى والمدن والدول، قد جمعتهم الدراسة في جامعة المدينة، ثمّ ترسّخ الفكر التكفيريّ لديهم منذ سنة ۱۹۷۵م تقريباً، وراحوا يوجّهون الانتقادات إلى الشيوخ الرسميّين.