العوامل الفاعلة جدّاً في خلق أجواء جديدة أفضت إلى تشكيل البابيّة، وواحدة من أهمّ تلك القضايا هي ما أعلنوه وكرّروه بانتظام من إعطاء وعد بظهور قريب للمهديّ.۱
وفي الواقع: إنّ عقيدة الشيخ أحمد الأحسائيّ والسيّد كاظم الرشتيّ في إمام الزمان، هي نفس عقيدة الإماميّة بنحوٍ عام۲، والجديد فيها هو بحث الظهور القريب نفسه، مضافاً إلى أمرٍ آخر شاع بين الشيخيّة، وهو اعتقادهم بانحصار النيابة التامّة بشخص في كلّ مرحلة زمنيّة.۳
أسهمت الشيخيّة في توفير أرضيّة البابيّة الخاصّة بطرحها نظريّة الركن الرابع، ومن ثمّ أوصلت ـ من بين دعاة البابيّة الكثيرين الرامين إلى خلافة الشيخ أحمد الأحسائيّ والسيّد كاظم الرشتيّ ـ واحدا منهم ـ وهو السيّد علي محمّد الباب ـ إلى مرحلة حسّاسة؛ حيث انضمّ إليه أشخاص نشطون ومثابرون في هذا المجال، وصاغوا منه شخصيّة عجيبة، فأدّت جهودهم إلى نشأة حركة دينيّة في إيران على الرغم من الباب نفسه، والذي كان إنساناً ساذجاً ومريضاً بأفكار مبعثرة ومقزّزة أحياناً، ثمّ بدّل الميرزا حسين على (بهاء اللّه) تلك الحركة إلى تيّار دينيّ واسع بنشاطاته الأجنبيّة، وتحالفاته غير المحدودة مع معارضي الإسلام، وفي الحقيقة: لقد أسّس الديانة البهائيّة.
بدأت القصّة مع الميرزا على محمّد الباب الذي ولد سنة ۱۲۳۵ ه، فأكمل الدراسة الأوّلية، وسافر إلى كربلاء ليحضر درس السيّد كاظم الرشتيّ (ت۱۲۵۹ ه)، وفي سنة وصوله شرع بكتابة تفسير سورة البقرة بما لديه من علوم ضئيلة، وادّعى البابيّة أوّل مرّة بعد ستّة أشهر من وفاة أُستاذه الرشتيّ، في حين كان تلامذة عديدون