461
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

وحربه مع الحكومة أدّت إلى انتصاره وسيطرته على مدينة الأبيض سنة۱۳۰۰ ه، وبعدها هُزمت أمامه القوات المصريّة عدّة مرّات. وفي إحدى المعارك قُتل غوردن القائد الإنكليزيّ المسيحيّ، فأشاعوا أنّه هو الدجّال الذي ينبغي أن يُقتل من قبل المهديّ.۱

وبينما شُغل المهديّ السودانيّ بتشكيل دولته أصابه مرض الكوليرا، فتوفّي إثر ذلك بمدينة أُمّ درمان۲ في التاسع من رمضان سنة ۱۳۰۲ ه، ومرقده مازال ماثلاً فيها، ويُزار حتّى الوقت الحاضر.

تُعدّ ثورة المهديّ السودانيّ ضرباً من الثورة على الغرب والحضارة الغربيّة؛ لأنّ الغربيّين سيطروا على تلك النواحي بذريعة الإعمار والتنمية، على الرغم من أنّ تلك الهيمنة باسم سيطرة مصر على السودان، فكان هدف المهديّ طرد السلطة التركيّة ومن حكم في مصر منذ القدم، على الرغم من عدم وجود الأتراك حينذاك، كما أنّه لم يهتف رسميّاً بشعار ضدّ المسيحيّين.

قبل وفاته نصّب عبد اللّه‏ التعايشيّ خليفة له، وقُتل الأخير في معركة بينه وبين الجيش المصريّ الإنكليزيّ سنة ۱۸۸۸م، ثمّ أعقبه (علي الود الحلو) الذي يعتبر ثاني خليفة له.

وقيل: إنّ المهديّ السوداني ذكر حضوره لدى رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله في اليقظة واستلام الأوامر منه، كما التقى الخضر عليه‏السلام وعزرائيل وبعض المشايخ الماضين. وأهمّ حكم ادّعى أنّه تلقّاه عن النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله هو تكفير كلّ من لايسلّم بكونه المهديّ المنتظر.

وقد شرح في إحدى رسائله التي بعثها للقبائل، ادّعاءه الباطل على مهدويّته وعلاماتها، بنحوٍ لم يترك فيه أيّ مجال للشكّ في صحّته.۳

أرسل ملك مصر أمثال ادّعاءاته تلك إلى علماء الأزهر ليحكموا عليه، فرفضوا بصراحة مهدويّته، وأحد الإشكالات التي أوردوها عليه: هي أنّ المهديّ لا ينبغي أن يخرج من السودان، بل يظهر في مكّة.۴

1.. المصدر السابق: ص ۷۶.

2.. أُم درمان: مدينة بمحافظة الخرطوم في السودان.

3.. المهديّة في الإسلام: ص ۲۰۹ ـ ۲۱۰ ، راجع المصدر السابق: ص ۲۱۱ ـ ۲۳۳.

4.. مهدى از صدر إسلام تا قرن سيزدهم بالفارسيّة: ص ۷۳ ـ ۷۵.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
460

اسم المهديّ السودانيّ محمّد أحمد بن عبد اللّه‏، وهو من السادة الحسينيّين، توفّي والده الفقيه وهو في طفولته، واصل دراسته الدينيّة في الخرطوم، وكتب أوّل رسالة بعنوان تطهير البلاد من مفاسد الحكّام.

ولعلّ تفاقم فساد حكومة المصريّين في إدارة السودان قد مهّد أرضيّة مناسبة لسهولة نفوذ المهديّ بين طبقات الشعب، وتأكيده على البحث عن العدالة وشجب البغي والفساد، فبدأ دعوته سرّاً، ثمّ وصلت إلى مرحلة العلانية، والتحقت به في هذه الفترة الزمنيّة بعض من قبيلتي الدغيم وكنانة.

عرّف نفسه سنة ۱۲۸۹ الموافق لـ ۱۸۸۱م على أنّه المهديّ المنتظر، وطلب من فقهاء السودان مساندته، وقال لعبد اللّه‏ التعايشيّ الذي غدا خليفة له: إنّ ما شاهده من رؤيا يدلُّ على كونه المهديّ المنتظر، وهو من أوائل حواريّيه.

والحواريّ مصطلح اُطلق على أنصاره. أمّا أساس دعوته فهي تلك الرؤيا، وزعمه أنّه يسمع أصواتاً (هواتف) في يقظته، ووفقاً لهما غدا مدّعياً لنوع من الدعوة المهدويّة وحتّى النبويّة.

وفي ذلك الوقت شاع أنّ المهديّ السوداني ينوي السفر إلى مكّة؛ لأنّ الأغلب في ظهور المهديّ أن يكون منها، وفي سنة ۱۸۸۲م اشتهر أنّ المهديّ سوف يظهر في مكّة، وعلى أثر ذلك أعدّ الأتراك العثمانيّون عدّتهم، وأخبروا أعيان المدينة وأشرافها أنّ هذا الأمر سيفضي إلى إلحاق الأذي بهم.۱

1.. مهدى از صدر إسلام تا قرن سيزدهم بالفارسيّة: ص ۶۸.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 16280
صفحه از 518
پرینت  ارسال به