433
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

بأنّه المهديّ، أو نبيٌّ يوحى إليه، فحلّلوا الزنا واستحلّوا المحارم، وسيطروا على منطقة ميلة، فأرسل لهم عبيد اللّه‏ المهديّ جيشه وقضى عليهم، كما قتل ذلك الفتى أيضاً.۱ تلك الدعوة المهدويّة تمثّل ضرباً من الدعوة للمهديّ، لكنّها في الحقيقة ضدّه، وطبيعي أنّها لم تنته إلى ذلك الحدّ.

۱۲. الإمام المهديّ لدين اللّه‏ (ت۴۰۴ ه)

الإيمان بالمهديّ بين الزيديّين لا يُفضي في العادة إلى ادّعاء المهدويّة إلاّ نادراً، وهذا لايعني أنّ اليمن المصبوغة بالطابع الزيديّ خالية من تلك الادّعاءات.

فالحسين بن القاسم المعروف بالإمام المهديّ لدين اللّه‏، شخصيّة زيديّة مرموقة نالت شهرة كبيرة في العلم والزهد، وتولّى بعد أبيه إمارة منطقة واسعة تمتدّ من ألهان إلى صعدة وصنعاء، وتسبّبت شهرته في اعتقاد جماعة من الزيديّة ببقائه حيّاً، وأنّه هو المهديّ الذي بشّر به رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله.

استطاع الحسين بن القاسم إخضاع صنعاء وأخذ الخمس من أهلها سنة ۴۰۲ ه، وضرب فيها النقود باسمه، وخاض بعدها حروباً كثيرة ضدّ المعارضين لحكمه، ثمّ قُتل ودُفن في بريدة خلال معركة بينه وبين بني حمّاد سنة ۴۰۴ ه وهو في العشرين ونيّف من عمره، وترك بعده مايربو على ۷۳ تصنيفاً، ثمّ تلاه من اعتقد ببقائه حيّاً وأنّه هو المهديّ.

بقيت هذه العقيدة ثابتة حتّى وقت متأخّر بين عدد من الشرفاء والسادة، مع وجود معارضة لهذه القضيّة، يعكسها ما وصل إلينا من شعر بخصوص هذا الموضوع.۲

1.. المصدر السابق: ج ۲۸ ص ۱۱۰.

2.. تاريخ اليمن الإسلاميّ : ص ۲۱۴ ـ ۲۱۸ وراجع نهاية الأرب: ج ۳۳ ص ۱۰۲.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
432

تسلّم الحكم بعد عبيد اللّه‏ المهديّ ابنه الملقّب بالقائم (ت ۳۳۴ ه)، ثمّ المنصور (ت۳۴۱ ه)، ثمّ المعزّ الفاطميّ (ت۳۶۵ ه) الذي أخضع مصر لسيطرة الدولة الفاطميّة، ثمّ ادُّعيت المهدويّة للحاكم بأمر اللّه‏، وقيل فيه: إنّه حيّ لم يمت، ولايموت حتّى يملك جميع الأرض ويملؤا عدلاً، وإنّه المهديّ المنتظر.۱
سبق اصطلاح المهديّ بين الفاطميّين ادّعاء المهدويّة بين الإسماعيليّة، ولكن لا توجد إشارة يُعتدّ بها إلى أنّهم استفادوا بدقّة وتفصيل من مفهوم «المهديّ» أو «القائم». وفي الواقع إنّ المهديّ برأيهم ـ وهو اللّقب الذي خُلع على عبيد اللّه‏ ـ أو عبارة «العترة الهادية المهديّة»، يعني: الهادي من آل رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله الذي خرج من الغيبة إلى الظهور، وابنه القائم، وحفيديه المنصور والمعزّ.
وهذا لايعني وهن لفظ «المهديّ»، بل إنّ بناء مدينة باسم «المهدية» دليل على عظمة هذا اللّقب لديهم، كما أنّ تعبير «العترة الهادية المهديّة» استُخدم في أوّل خطبة فاطميّة بعد السيطرة على مصر، وكذلك آية «أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّلِحُونَ»۲.۳
ومن الأحداث المثيرة للاهتمام إبّان سيطرة الفاطميّين على المغرب، هو مقتل أبي عبد اللّه‏ الشيعيّ ـ الذي مثّلهم في المغرب واضطلع بتوفير مقدّمات دولتهم ـ بيد عبيد اللّه‏ المهديّ بعد مدّة قصيرة، فذهب المعارضون لعبيد اللّه‏ إلى أنّ أبا عبد اللّه‏ حيّ لم يمت، استناداً إلى قبولهم دعوى المهدويّة لفتىً يافع في جبال أوراس، فقالوا

1.. الحور العين: ص ۲۱۷.

2.. الأنبياء: ۱۰۵.

3.. نهاية الأرب: ج ۲۸ ص ۱۳۱ ـ ۱۳۲.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14614
صفحه از 518
پرینت  ارسال به