431
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

الانتصارات أرسل شيعة المغرب إلى عبيد اللّه‏ يدعونه للمجيء إلى بلادهم ويخبرونه بأنّهم في انتظاره، فبدأ سفره إلى مصر بالرغم من مطاردة المكتفي العبّاسيّ له، وتنكّر بثياب التجّار مع ولده الذي سيُلقّب فيما بعد بالقائم، ومن ثمّ هرب إلى المغرب.

وأفضت الانتصارات المتكرّرة للشيعة الإسماعيليّة إلى هزيمة ساحقة للأغالبة وانضمام مختلف القبائل إليهم، وفي ذلك الوقت وصل عبيد اللّه‏ الشيعيّ إلى سلجماسة، وسلّمه أبو عبد اللّه‏ الشيعي مطلق الصلاحيّات، فبويع هناك سنة ۲۹۶ ه بصفته الإمام۱ والمهديّ أمير المؤنين.۲

على كلّ حال، اشتهر عبيد اللّه‏ أثناء تلك الأحداث بلقب «المهديّ»، وأسّس أهمّ مدينة باسم «المهديّة»، حيث كانت في غاية القوّة والمنعة، فقال لمّا افتتحها سنة

۳۰۸ ه: «الآن أمِنتُ على الفاطميّين».۳
وذكروا أنّه بعد مدّة قتل أبا عبد اللّه‏ الشيعيّ الذي وفّر أرضيّة انتصاره؛ لأنّه أراد منه دليلاً وعلامةً على مهدويّته۴، فنُقل عن أبي العبّاس أخي أبي عبد اللّه‏ أنّه قال: هذا ليس ذلك المهديّ الذي نبتغيه؛ لأنّ للمهديّ أدلَّة قاطعة وبراهين جليّة. فتركت تلك الحادثة أثراً سلبيّاً في نفوس عامّة الناس.
عمل عبيد اللّه‏ (الذي كان حيّاً إلى سنة ۳۲۲ ه) على تقوية وتحكيم هذه الدولة، بحيث تمكّن من تأسيس دولة شيعيّة في قسم واسع من العالم الإسلاميّ ـ لا في مصر وحدها ـ قرابة قرنين من الزمان، ولقّب ابنه بالقائم، وهو اللّقب الشيعيّ للمهديّ، وسعى هو أيضاً في توطيد أركان الدولة المشار إليها.

1.. تاريخ ابن خلدون: ج ۳ ص ۴۵۲ ـ ۴۵۴ باختصار.

2.. اتّعاظ الحنفاء: ص ۹۲.

3.. خرّيدة العجايب: ص ۵۵.

4.. اتّعاظ الحنفاء: ص ۹۴ ـ ۹۵.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
430

بحيث تمكّنوا ـ ببساطة ـ بعد ظهوره من تأسيس دولة كبيرة.

ذكر ابن خلدون أنّ شيعة هذه الجماعة منتشرة في اليمن إلى الحجاز وفي البحرين وخراسان والكوفة والبصرة وطالقان. أمّا محمّد بن حبيب فقد كان في مدينة سلميّة من منطقة حمص، وعادته أن يدعو إلى «الرضا من آل محمّد»، فذهبت تلك الشيعة إلى زيارة قبر الحسين عليه‏السلام، ومنه إلى سلميّة لزيارة الأئمّة من ولد إسماعيل.

كما وجد في اليمن شيعتهم أيضا، ومن جملتهم قوم بني موسى، وأحد رجالهم محمّد بن فضل، من أهالي الجند في اليمن، وقد ذهب إلى زيارة محمّد حبيب ورستم بن حسين بن حوشب الكوفيّ الذي رافقه في عودته إلى اليمن، وقد أمر بالدعوة حيث خرج المهديّ حينذاك، فذهب ابن حوشب إلى بني موسى في اليمن، وجهر بدعوتهم إلى «المهديّ من آل محمّد»، فتبعه كثير من أهل اليمن.

وفي ذلك الوقت ذهب أبو عبد اللّه‏ الشيعيّ ـ أحد أصحاب ابن حوشب ـ إلى مكّة، ومنها رافق الحجّاج المغاربة إلى كتامة، وتمكّن بالتدريج ـ وبحماية رجال من تلك النواحي ـ من السيطرة على تلك الديار، وهزيمة دولة الأغالبة، وتأسيس مدينة باسم دار الهجرة في جبل إيكجان.

وقبل وفاة محمّد حبيب أوصى لابنه عبيد اللّه‏ قائلاً: «أنت المهديّ». ومع

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14580
صفحه از 518
پرینت  ارسال به