مركز عمليّات ضدّهم. كتب عنان ما يلي:
تأجّجت الفتنة وشملت جميع النواحي، وظهر في طليطلة وطلبيرة أحمد بن معاوية المعروف بابن القطّ، وهو من أحفاد هشام بن عبد الرحمن، فدعا إلى نفسه بين البربر بصفته المهديّ المنتظر. وامتاز بعلمه وشعوذته وذكائه وعزمه وإرادته، فالتفّت جماعة كثيرة من البربر حوله، وأعلن الجهاد، وأعدّ جيشاً لفتح سمورة.
فانهزم المسيحيّون بادئ ذي بدء في الحرب التي دارت بينهما، ولكن في المعركة التالية انفصل عنه بعض أصحابه، ولم يَحُل ثباتُه في الميدان دون قتله سنة ۲۸۸ ه.۱
وممّا لا شك فيه أنّ حركته لم تكن ذات صبغة شيعيّة كما ذكر شوقي ضيف۲، بل تكشف وتعكس أنّ العقيدة المهدويّة والدعوة لها ظفرت بجذور عميقة في التسنُّن الاُمويّ.
۱۱. عبيد اللّه المهديّ (الادّعاء سنة ۲۹۶ ه)
إن ادّعاء خروج المهديّ من المغرب الأقصى لا من مكّة، يحكي خروجاً متكرّراً لأشخاص باسم المهديّ من هذه الديار، وبعضهم أسّس دولاً كبيرة، كعبيد اللّه المهديّ وابن تومرت. ونُقل في هذا المجال حديث ذُكر فيه أنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وعد بظهور المهديّ في المغرب.
وتسنّى لعبيد اللّه المهديّ مؤسّس الدولة الفاطميّة احتلال قسم من المغرب في شمال أفريقيا سنة ۲۹۶ ه، فهيمنت الدولة المشار إليها على نواحٍ كبيرة من العالم الإسلاميّ خلال ثلاثة أجيال، ووقفت كأهمّ منافس حيال العبّاسيّين.
فعلى الصعيد العمليّ بدأ الإسماعيليّون نشاطاتهم السرّية منذ أيّام محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليهالسلام في العراق واليمن والمغرب، فهم يرون أنّ الإمامة من بعد محمّد المكتوم وصلت إلى جعفر الصدق (المصدّق)، ومن بعده إلى ابنه حبيب، ومن ثمّ إلى عبيد اللّه المهديّ أوّل خليفة فاطميّ في المغرب.۳
تضاعف اعتقاد الإسماعيليّين بجيل مخفيّ من الأئمّة يُختتم بعبيد اللّه المهديّ،