429
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

مركز عمليّات ضدّهم. كتب عنان ما يلي:

تأجّجت الفتنة وشملت جميع النواحي، وظهر في طليطلة وطلبيرة أحمد بن معاوية المعروف بابن القطّ، وهو من أحفاد هشام بن عبد الرحمن، فدعا إلى نفسه بين البربر بصفته المهديّ المنتظر. وامتاز بعلمه وشعوذته وذكائه وعزمه وإرادته، فالتفّت جماعة كثيرة من البربر حوله، وأعلن الجهاد، وأعدّ جيشاً لفتح سمورة.

فانهزم المسيحيّون بادئ ذي بدء في الحرب التي دارت بينهما، ولكن في المعركة التالية انفصل عنه بعض أصحابه، ولم يَحُل ثباتُه في الميدان دون قتله سنة ۲۸۸ ه.۱

وممّا لا شك فيه أنّ حركته لم تكن ذات صبغة شيعيّة كما ذكر شوقي ضيف۲، بل تكشف وتعكس أنّ العقيدة المهدويّة والدعوة لها ظفرت بجذور عميقة في التسنُّن الاُمويّ.

۱۱. عبيد اللّه‏ المهديّ (الادّعاء سنة ۲۹۶ ه)

إن ادّعاء خروج المهديّ من المغرب الأقصى لا من مكّة، يحكي خروجاً متكرّراً لأشخاص باسم المهديّ من هذه الديار، وبعضهم أسّس دولاً كبيرة، كعبيد اللّه‏ المهديّ وابن تومرت. ونُقل في هذا المجال حديث ذُكر فيه أنّ رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وعد بظهور المهديّ في المغرب.

وتسنّى لعبيد اللّه‏ المهديّ مؤسّس الدولة الفاطميّة احتلال قسم من المغرب في شمال أفريقيا سنة ۲۹۶ ه، فهيمنت الدولة المشار إليها على نواحٍ كبيرة من العالم الإسلاميّ خلال ثلاثة أجيال، ووقفت كأهمّ منافس حيال العبّاسيّين.

فعلى الصعيد العمليّ بدأ الإسماعيليّون نشاطاتهم السرّية منذ أيّام محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليه‏السلام في العراق واليمن والمغرب، فهم يرون أنّ الإمامة من بعد محمّد المكتوم وصلت إلى جعفر الصدق (المصدّق)، ومن بعده إلى ابنه حبيب، ومن ثمّ إلى عبيد اللّه‏ المهديّ أوّل خليفة فاطميّ في المغرب.۳

تضاعف اعتقاد الإسماعيليّين بجيل مخفيّ من الأئمّة يُختتم بعبيد اللّه‏ المهديّ،

1.. تاريخ دولت إسلامى در أندلس بالفارسيّة: ج ۱ ص ۳۷۲ ـ ۳۷۳.

2.. تاريخ الأدب العربيّ لشوقي ضيف : ج ۸ ص ۵۴.

3.. صبح الأعشى: ج ۱۳ ص ۲۳۹.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
428

آمن بإمامته خلق كثير في ذلك الوقت، حتّى ألقى القبض عليه عبد اللّه‏ بن طاهر وأرسله إلى المعتصم، فسجنه في بستان بسامرّاء، وقيل: أنّهم قتلوه بالسمّ.

أشار المسعوديّ إلى إخلاص بعض أهالي طالقان له، وقال: إنّ كثيراً من الزيدية حتّى زمانه ـ أي: المسعوديّ ـ سنة (۳۳۲ ه) ما زالوا مؤنين بإمامته. كما يلاحظ من عبارة المسعوديّ الآتية:

ومنهم خلق كثير يزعمون أنّ محمّداً لم يمت، وأنّه حيّ يرزق، وأنّه يخرج فيملؤا عدلاً كما مُلِئت جوراً، وأنّه مهديّ هذه الأُمّة، وأكثر هؤاء بناحية الكوفة وجبال طبرستان والديلم وكثير من كوَر خراسان، وقول هؤاء في محمّد بن القاسم نحو قول رافضة الكيسانيّة في محمّد بن الحنفيّة، ونحو من قول الواقفيّة في موسى بن جعفر.۱

۱۰. أحمد بن معاوية الاُمويّ (ت۲۸۸ ه)

تستحقّ أرض المغرب أن يُطلق عليها وطن ظهور المتمهديين الأقوياء الذين شكّلوا دولاً كبيرة. وغالباً ما نُسب ادّعاء المهدويّة في المغرب الأقصى إلى الإسماعيليّين، ولكن من ناحية تاريخيّة توجد حالة ادّعاء واحدة للمهدويّة ـ في الأقلّ ـ بالأندلس قبل ظهور عبيد اللّه‏ الفاطميّ.

شهدت حالة الخمسة والعشرين عاماً من خلافة عبد اللّه‏ بن محمّد بن عبد الرحمن الاُمويّ في الأندلس أعمال شغب وفتناً كثيرة، وعكفت الدولة الأُمويّة في هذا الوقت على قمع التمرّد الداخليّ، ممّا خلّف ضعفاً وإحباطاً أساسيّاً في دولة الأندلس وأراضيها، فتمكّن ألفونسو الثالث ملك ليون (جليقية) سنة ۲۸۰ ه من السيطرة على مدينة سمورة وإخراجها من سيطرة المسلمين البربر، وتبديلها إلى

1.. مروج الذهب: ج ۴ ص ۵۳.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14069
صفحه از 518
پرینت  ارسال به