421
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

المنتظر، وتساءل: كيف يمكن له أن يكون هو المهديّ ويُقتل۱؟!

۶. محمّد المهديّ (المهديّ العبّاسيّ) (ت۱۶۹ ه)

ليس اعتباطاً أن يختار المنصور اسم محمّد ولقب المهديّ (محمّد المهديّ) لابنه، ثالث خليفة عبّاسي، فلمّا ذُكر أمامه أنّ محمّد بن عبد اللّه‏ النفس الزكيّة يقول بأنّه هو المهديّ، قال: «كذب عدوُّ اللّه‏، بل هو ابني».۲

المصادر التاريخيّة صوّرت لنا سعي المنصور لوضع أحاديث تؤّد مهدويّة ابنه، والتعامل مع أبناء الشعب على أنّهم حمقى وأغبياء، فذكرت أنّه أخذ أموالاً كثيرة من العراقيّين وجعلهم يعانون الفقر والفاقة، وختم على أكياسها بأسماء أصحابها، ولمّا اقترب أجله أوصى ابنه المهديّ بإرجاعها إلى مالكيها، وقال له بأنّه فعل ذلك ليحبّبه إلى الناس، وطبّق الابن ما قال أبوه، فلمع اسمه ودَعوا له، وقالوا بأنّه هو المهديّ الوارد في الأحاديث!۳

وهكذا يظهر أنّ قصّة المنصور وتسمية ابنه بالمهديّ ضرب من اللعب بهذا المفهوم وهذه العقيدة، على الرغم من قوله في خبر آخر بأنّ المهديّ ليس ابنه، ولا ندّه (النفس الزكية)، ولكنّه سمّاه باسمه تيمّناً وتفؤلاً.۴

والطريف أنّه قبل بناء مدينة في المغرب من قبل عبيد اللّه‏ بن المهديّ وتسميتها بالمهديّة، سمّوا مدينة الريّ بالاسم نفسه؛ لنزول المهديّ العبّاسيّ فيها إبّان استلامه لمنصب ولاية العهد.۵

1.. مقاتل الطالبيّين: ص ۲۱۹.

2.. المصدر السابق: ص ۲۱۲.

3.. الإمتاع والمؤنسة: ص ۱۸۱.

4.. مقاتل الطالبيّين: ص ۲۱۸.

5.. آكام المرجان: ص ۶۷.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
420

وروى أبو الفرج الإصفهانيّ أنّ عبد اللّه‏ بن الحسن بن الحسن اجتمع في الأبواء مع عدد من بني هاشم، وخاطبه ابنه بالمهديّ، وارتضى الآخرون ذلك ثمّ بايعوه۱، وبُعيدَ ذلك استلم العبّاسيّون الحكم، ووقف ضدّهم محمّد وأخوه إبراهيم مع أُسرتهما وعدد من أنصارهم، وأُبيد جميعهم، فقُتل محمّد سنة ۱۴۵ ه وإبراهيم سنة ۱۴۶ ه، وتوفّي بعضهم في السجن.

وأشار العديد من الأخبار الشيعيّة في الكوفة إلى مهدويّة محمّد في تلك السنين۲، كما خاطبه عدّة شعراء من ذلك العصر بلقب المهديّ أيضاً.۳

وذهب النوبختيّ في فرق الشيعة إلى أنّ الاعتقاد بمهدويّة محمّد بن عبد اللّه‏ يعود إلى ما بعد شهادة الإمام الباقر عليه‏السلام، فذكر أنّ الشيعة انقسموا بعدها إلى مجموعتين، إحداهما آمنت بمهدويّة محمّد بن عبد اللّه‏، وقالوا بعد مقتله بأنّه حيّ ولم يمت، وهو يعيش في جبل على طريق مكّة باسم العلميّة.۴

ومن زاوية تاريخيّة يمكن اعتبار ادّعاء المهدويّة من قبل النفس الزكيّة لنفسه، من أوّل الادّعاءات الواسعة النطاق على صعيد المهدويّة، حيث يلج علويّ هو وأُسرته هذا المضمار ليحوز الزعامة والقيادة، ويدخل ميدان النزاع على السلطة عن طريق هذا الادّعاء.

وقد خالف الإمام الصادق عليه‏السلام ثورته كما تؤّد المصادر، واعتقد بأنّه لن يبلغ الحكومة أبداً۵، كما خالف عمرو بن عبيد ـ أحد زعماء المعتزلة ـ كونه المهديّ

1.. المصدر السابق : ص ۱۸۵.

2.. المصدر السابق: ص ۱۸۶ ـ ۱۸۷.

3.. المصدر السابق: ص ۲۱۵.

4.. فرق الشيعة: ص ۶۲.

5.. الكافي: ج ۱ ص ۲۴۲ ح ۷ ۸، مقاتل الطالبيّين: ص ۲۰۷.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14260
صفحه از 518
پرینت  ارسال به