419
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

أغلب ادّعاءات المهدويّة في ذلك الوقت جاءت من قبل العبّاسيّين، حيث صوّروا أنفسهم مصداقاً للمهديّ، فألقاب خلفائهم ـ كالسفّاح۱ والمنصور والمهديّ والهادي والرشيد ـ تعكس ضرباً من الاعتقاد المهدويّ. وأمّا فهمهم للاعتقاد بالإمام المهديّ حينذاك، فيتطلّب مزيداً من البحث، ولكنّ المتيقّن منه أنّ التصوّر في أذهان عامّة الناس في ذلك الزمن ليس نفس المفهوم والمعنى الذي لدينا عن المهديّ، بغضّ النظر عن الأحاديث الأصيلة المتعلّقة به.

كما أنّه ليس هناك تردّد في تصوّرهم لأنفسهم بأنّهم الإمام المهديّ، وفي الألقاب التي خلعوها على ذواتهم والتي تشير إلى العقيدة المهدويّة، إضافة إلى تأكيد الأحاديث الموضوعة ـ التي وُضع بعضها على لسان ابن عبّاس ـ على مهدويّة العبّاسيّين.۲

۵. النفس الزكيّة محمّد بن عبد اللّه‏ بن الحسن (ت۱۴۵ ه)

تزايد التوجّه نحو العلويّين منذ سنة ۱۲۰ ه فما تلاها، وبخاصّة حينما وفّر زيد بن عليّ مقدّمات ثورته، وبعد تجرّعه كأس المنيّة، احتدمت الاتّجاهات المناوئة للأُمويّين، واتّخذت أجواء الأخبار والعلامات عن الإمام المهديّ مساراً تصاعديّاً.

وربما يتسنّى لنا القول بأنّه لا أحد يوازي النفس الزكيّة محمّد بن عبد اللّه‏ بن الحسن بن الحسن في اشتهاره بلقب المهديّ، فنقل عمر بن شبّة عن مصادره أنّ محمّد بن عبد اللّه‏ سُمّي من بين عامّة الناس بالمهديّ، حتّى قيل له: محمّد بن عبد اللّه‏ المهديّ.۳

1.. أضاف الكرديزيّ لقب المهديّ إلى السفّاح، حيث قال: «قامت دولة العبّاسيّين، واستلم الحكمَ المهديُّ أبو العبّاس عبد اللّه‏ بن محمّد بن عليّ السفّاح» راجع: زين الأخبار: ص ۱۳۴.

2.. للاطّلاع على هذه الأخبار راجع: أخبار الدولة العبّاسيّة: ص ۲۹، ۵۱ ۵۲، ۲۰۷ و ۲۵۶ والبدء والتاريخ: ج ۶ ص ۹۵.

3.. مقاتل الطالبيّين: ص ۱۸۴.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
418

عدد الأخبار المتكاثرة في ظهور الرايات السود يعكس جوّاً من الميول المهدويّة لنجاة الأُمّة من أيدي الاُمويّين، تلك الأخبار أوردها عالم الحديث السنّي نعيم بن حمّاد في كتابه الفتن، بعد الملاحم المتعلّقة بابن الزبير، وبدأت ببحث (العلامات في انقطاع مُلك بني أُميّة).۱

ويلوح لنا أنّ بني العبّاس اتّخذوا من الاعتقاد بالمهديّ والمنقذ ذريعة للثورة على بني أُميّة وتسنّم الحكم، فظهرت في هذه الأجواء أحاديث موضوعة تجعل فيهم أصل ادّعاء المهدويّة، وتطبّقه على بني العبّاس بإضافة بعض الخصوصيّات.

وهكذا استفادوا من شخصيّة محمّد بن عبد اللّه‏ الملقّب بالنفس الزكيّة، وبيعتهم له في بداية ثورتهم، ولعلّ الحديث النبويّ المشهور: «المهديُّ مِن وُلدي، اسمُهُ اسمي»، طُبّق على النفس الزكيّة في تلك الأيّام بعد إضافة: «واسم أبيه اسم أبي»؛ لأنّه هو أيضاً من وُلد فاطمة عليهاالسلام، واسمه اسم النبيّ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، واسم أبيه مثل اسم والد الرسول.

ينبغي الالتفات إلى أنّ أغلب أخبار الملاحم والفتن في هذا المقطع الزمنيّ إنّما هي لتسقيط الأُمويّين والتمهيد لمجيء العبّاسيّين، وإشاعة أنّ دولتهم أكثر عمراً وبقاءً، ومن ثمّ وُضعت أحاديث ضدّ العبّاسيّن لصالح آخرين بعد عقد أو عقدين من ظهور الاتّجاه الجائر للمنصور. وما ضمّه باب (في خروج بني العبّاس) من أخبار في كتاب الفتن، يكشف عن خروج الرايات السود في القرن الثاني للهجرة لتبرير قيام دولة بني العبّاس.۲

1.. الفتن: ج ۱ ص ۱۹۳.

2.. راجع : ج ۴ ص ۱۵۹ (القسم السابع / الفصل الخامس / دراسة في أحاديث «الرايات السود»).

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14566
صفحه از 518
پرینت  ارسال به