417
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

مريم خلفه، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، وتكلّم لهم في ذلك بكلام كثير نسبه إلى موسى وسطيح الكاهن وابن عبّاس.۱

ولا نعلم على وجه الدقّة كيف استفاد صالح بن طريف من تعبير «المهديّ»، ولكن لو سلّمنا بمواضيع هذا المصدر، فينبغي الاعتراف بأنّ هذا الموضوع قد طُرح على مائدة الأحداث خلال النصف الأوّل من القرن الثاني للهجرة في المغرب الذي غدا واحداً من مواطن الدعوة المهدويّة فيما بعد.

ذروة الاعتقادات المهدويّة في بداية العصر العبّاسيّ

وصل إرث الاتّجاهات المهدويّة من نهاية العهد الاُمويّ إلى العصر العبّاسيّ، وانتقل من ذلك العهد إلى ما بعده بنحوٍ أكثر نضوجاً كُلّ ما ظهر من متطرّفي الشيعة، سواءأ كانوا من العلويين أو العبّاسيّين.

إحدى أكثر محتويات العقيدة المهدويّة شيوعاً هي: أنّه عندما يسود الظلم جميع ربوع الأرض، حينئذٍ يخرج الإمام المهديّ؛ لاجتثاثه ورفع راية العدل. وعلى هذا الأساس، وبما أنّ الدولة الأُمويّة دولة ظلم وجور، وقد تمنّى المسلمون زوالها عقوداً عديدة، فقد غدت الدعوة إلى ظهور المهديّ أفضل وسيلة للخلاص منها.

وبناء عليه، تهيّأت أوسع أرضيّة لظهور المهديّ في أذهان الناس خلال هذه الفترة، كما حدث منذ تأجُّج الثورات على النظام الأُمويّ في خراسان سنة ۱۱۶ ه تقريباً، حيث ظلّ النداء باسم الإمام المهديّ يتعالى بدون توقّف.

ومن نماذج ذلك ادّعاء الحارث بن سريج، أحد زعماء التمرّد الذي يرى نفسه صاحب الرايات السود وقائدها۲. ويبرز أمامنا حديث يتعلّق بالموضوع حتّى في سنن أبي داود.۳

1.. الاستبصار في عجائب الأمصار: ص ۱۹۷ ـ ۲۰۰ وراجع البيان المغرب: ج ۱ ص ۲۱۶ و ۲۲۳ ـ ۲۲۵ ومسالك الأبصار: ج ۲ ص ۸۲۰ وتاريخ ابن خلدون: ج ۶ ص ۲۷۶ ـ ۲۷۷.

2.. تاريخ الطبري: ج ۷ ص ۳۳۱.

3.. سنن أبي داود: ج ۴ ص ۱۰۸ ح ۴۲۹۰.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
416

وربّما وضع هذا التعبير في الفترة اللاّحقة، ولكن بما أنّه أُطلق على محمّد بن الحنفيّة، فلا يبدو بعيداً أن يُستفاد منه لموسى بن طلحة، ويقوّي هذا الاحتمال استخدام كلمة «المهديّ» في خطاب جرير ـ الشاعر الاُمويّ المعروف ـ لسليمان بن عبد الملك.۱

إنّ أخبار العقود الثلاثة الأخيرة من حكم الاُمويّين تُفصح عن اتّجاه يؤن بظهور المهديّ كعقيدة واسعة وراسخة للغاية، وقد سعت فرق مختفلة بما في ذلك الأُمويّون للاستفادة منها، فاعتبروا أنفسهم ودولتهم مصداقاً لبعض أخبار الملاحم والفتن.

۴. صالح بن طريف (ولد سنة۱۱۰ ه)

اتُّهم البرابرة على مدى قرون طوال بالتفافهم حول المتمرّدين الذين ظهروا باسم النبوّة أو المهدويّة أو الخوارج، وحمايتهم لهم.۲

ودونك ما قالوا في حقّ أحد مؤّسي السلالات الحاكمة في المغرب الأقصى، وهو رجل باسم صالح بن طريف:

أصله من برباط في الأندلس، ونسبه يهوديّ يرجع إلى شمعون، درس مدّة طويلة في الشرق لدى غيلان القدريّ ـ وفقاً لبعض المصادر ـ وتعلّم السحر، ثمّ قدم إلى مدينة تامسنا فأظهر الإسلام والتعبّد بها، فاستقطب الناس، وقد أعلن إسلامه سنة (۱۲۷ ـ ۱۴۲ ه)، وقال بأنّه المعنيّ في قوله تعالى: «صَالِحُ المُؤمِنِينَ» الوارد في القرآن الكريم۳. عهد إلى ابنه إلياس بالولاية، وأوصاه بالتقرّب من حكّام الأندلس، وخرج إلى المشرق وزعم أنّه سيعود إليهم في دولة السابع من ملوكهم، وأنّه المهديّ الكبير الذي يخرج في آخر الزمان لقتل الدجّال، ويُصلّي عيسى بن

1.. تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف : ج ۲ ص ۲۸۴.

2.. معجم البلدان: ج ۱ ص ۳۶۱ «البربر».

3.. التحريم: ۴.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14030
صفحه از 518
پرینت  ارسال به