413
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

أجل، أنا المهديّ أهدي إلى الخير، ولكن إذا سلّم أحدُكم علَيّ فليقل: السّلام عليك يا محمّد، ولا تقولوا: يا مهديّ.۱

واعتبروا ظهور فرقة الكيسانيّة امتداداً لتلك الأحداث، الفرقة التي يعُدّ أهمّ أُصولها الاعتقاد بمهدويّة ابن الحنفيّة، وطُرح بعد وفاته سنة ۸۱ ه موضوع غيبته ورجعته بصفته المهديّ المنتظر.۲

من عقائد هذه الفرقة أنّ محمّد بن الحنفيّة لم يمت، وما زال يعيش في جبل رضوى تحرسه الأُسود بمكان غاية في العمران.۳ وعلى الرغم من الاختلاف بين الكيسانيّة في وجوده بجبل رضوى، غير أنّ اسم هذا الجبل ورد في أكثر الأخبار.۴

الملاحظة المهمّة أنّ مفهومين بشأن محمّد بن الحنفيّة هما «المهديّ» و«الغيبة»، اقترنا مع بعضهما، فعندما توفّي ابن الحنفيّة أنكر بعضٌ موتَه، وقبله بعضٌ آخر ولكنّهم قالوا بأنّه مثل عيسى عليه‏السلام سيُبعث ويعود إلى الحياة مرّة ثانية، وطبيعيّ أن يتشكّل مفهوم الغيبة في مثل هذه الأوضاع.

ومن الاتّجاهات الداخليّة للكيسانيّة لدى من سلّم بموت محمّد بن الحنفيّة واعتقد بانتقال الإمامة إلى ابنه أبي هاشم، الإيمان بمهدويّة الابن المشار إليه، وأنّه الإمام القائم المهديّ.۵

1.. التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة المنوّرة: ج ۲ ص ۵۴۵.

2.. سلّمت وداد القاضي بالوجود الخارجيّ التاريخيّ لابن سبأ وطرحه لبحث الغيبة والرجعة، وتأسيساً عليه اعتقدت بانتساب جذور العقيدة الكيسانيّة إليه، وأغلبها عن طريق عبد اللّه‏ بن حرب أحد غلاة زمان المختار ومتعصّبي تلك الفترة. وأضافت الكاتبة ذاتها أنّ الكيسانيّة ترى بيعة ابن الحنفيّة لعبد الملك ضرباً من الذنب الذي غفره اللّه‏ تعالى بغيبته ، كما في قصّة النبيّ يونس عليه‏السلام، وسيبقيه غائباً حتّى يحين وقت ظهوره راجع: الكيسانيّة في التاريخ والأدب: ص ۱۷۰ ـ ۱۷۱.

3.. فرق الشيعة: ص ۲۹.

4.. راجع: الكيسانيّة في التاريخ والأدب: ص ۱۷۲.

5.. فرق الشيعة: ص ۳۳ ـ ۳۴.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
412

الأرضيّات الممهّدة لتلك الحركات وكيفيّة استغلالها للآخرين؛ إذ من الممكن أن تعثر على أرضية تؤهّلها للظهور في المستقبل.

نبذة تاريخيّة عن المتمهديين والمنسوبين لهم

بعد المقدّمة السابقة نعرض فيما يلي تقريرا قصيرا عن تاريخ المتمهديين الكاذبين:

۱. محمّد بن الحنفيّة (ت۸۱ ه)

افترضت مصادر التاريخ الإسلاميّ المتعارفة أنّ المختار أوّل من طرح نظريّة مهدويّة محمّد بن الحنفيّة، فخاطبه بهذا اللّقب في بعض رسائله الرسميّة۱، وشرع في ثورته استناداً إلى تلك الأخبار بهذا الاحتجاج: «إنّي قد جئتكم مِن قِبَلِ المهديّ محمّد بن عليّ ابن الحنفيّة».۲ وكتب ابن سعد ـ أيضا ـ عن المختار أنّه: دعا إلى الرضا من آل محمّد صلى‏الله‏عليه‏و‏آله، وسمّاه ب «المهديّ».۳

وينبغي الالتفات إلى أنّ أيّام المختار وأعماله وأقواله محاطة بالضبابيّة، وتتلفّع بهالةٍ من غموض الأخبار واضطرابها، ولا يمكن الركون إلى رأي مطمئنّ في هذا المجال. أمّا عن خلع لقب «المهديّ» على محمّد بن الحنفيّة وفرض قبوله، فلا يُعلم هل قصد المختار أو محمّد بن الحنفيّة من هذا اللّقب هو المهديّ بمعنى مطلق من يهدي، أم المهديّ المنتظر؟

فقد ذكروا أنّ محمّد بن الحنفيّة أرسل ابنه إلى الشيعة ليقول لهم:

1.. البداية والنهاية: ج ۸ ص ۲۷۴.

2.. تاريخ الطبري: ج ۵ ص ۵۶۱.

3.. الطبقات الكبرى الطبعة الخامسة من الصحابة: ج ۲ ص ۸۲. وجاء في الفتوح: ج ۶ ص ۳۲۲ أنّه خاطبه بـ «يا أيّها المهديّ». وفي فترات لاحقة اعتبر أشخاص من قبيل ابن كثير هذه النصوص تدلّ على المعنى القطعيّ لدعوى المهدويّة، من أجل جذب الناس نحو محمّد بن الحنفيّة راجع: البداية والنهاية: ج ۸ ص ۲۴۸.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14413
صفحه از 518
پرینت  ارسال به