409
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

للهمج الرعاع في كلام الإمام عليّ عليه‏السلام، وما لم يُعالَج مرض التقليد في العقائد۱ كاملاً وجذريّا، لن يرى المجتمع البشريّ بوادر السعادة.

۲. الفساد السياسيّ والاجتماعيّ

من العوامل المهمّة لميل وانجذاب الجماهير للأدعياء المتمهديين، هي عدم الاكتراث بالقيم الدينيّة، وتفشّي الفساد الاجتماعيّ وبخاصّة القمع السياسيّ ؛ لأنّ أحد المكوّنات الأصيلة للعقيدة المهدويّة هي إحياء القيم الدينيّة، وفي مقدّمتها العدالة الاجتماعيّة؛ ولذلك فانتشار الظلم والفساد وعدم المبالاة بالقيم الإسلاميّة، تُعدّ أرضيّات خصبة للتسليم بما يدعو إليه دعاة المهدويّة، وظهور من يبرّر حركته بإحياء المبادئ الدينيّة والعدالة الاجتماعيّة تحت لواء الدعوة إلى الإمام المهديّ عليه‏السلام.

۳. المشاكل الاقتصاديّة

المعضلات الاقتصاديّة حاضنة مناسبة للنهضات الاجتماعيّة، ولهذا السبب تتشكّل الحركات الجماهيريّة في المجتمعات الفقيرة عموماً. ولأنّ الفقر الاقتصاديّ أرضيّة خصبة للفقر الثقافيّ والفساد الاجتماعيّ، يسعنا القول بأنّ المشاكل الاقتصاديّة هي الأرضيّة الأساسيّة لظهور الدعاة إلى المهدويّة وقبول الناس لهم.

۴. الاستناد إلى بعض الأحاديث

هيّأ الاعتماد على عدد من الأحاديث أرضيّة الاستجابة لدعوات المتمهديين، ونُقلت تلك الأحاديث في المصادر الحديثية دون تقييمٍ وفصلٍ بين صحيحها وسقيمها، وبخاصّة روايات علامات الظهور، وربّما وضع دعاة المهدويّة الكاذبون بعضاً منها.

وعلى سبيل المثال يمكن القول بأنّ أغلب الادّعاءات المتعلّقة بمكان ظهور المهديّ عليه‏السلام، كالمشرق والمغرب واليمن وطالقان وخراسان وغيرها، ربّما هي من صنع أشخاص متورّطين بالدعوة للمهدويّة؛ فوضعوا الأحاديث من أجل الفوز بمنزلة ومقام رفيعين، ومحو أيّ موطئ قدم لهم.

وفي زمن لاحق أيضا شُغل عدد بتأويلات عجيبة في تعيين محلّ الظهور، وحملوا نظائر هذه الأحاديث على محمل الجدّ، فنطالع نموذجها عند الرجوع إلى البحوث المفصّلة للقاضي النعمان في شرح الأخبار عن ظهور الإمام المهديّ عليه‏السلام في

1.. لمزيد من الاطّلاع على الموضوع راجع: موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۱ ص ۲۹ القسم الأوّل / الفصل الثاني : التقليد في العقيدة .


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
408

قسّم الإمام عليّ عليه‏السلام الناس إلى ثلاث مجاميع:

الأُولى: مجموعة أدركت الحقيقة، وترتكز في عقيدتها وسلوكها الفرديّ والجماعيّ على معايير سديدة مطابقة للواقع، وذكرهم الإمام بصفتهم علماء ربّانيّين.

الثانية: مجموعة تقتفي أثر المعرفة الحقيقيّة والطريق القويم، ووصفهم الإمام بأنّهم متعلّمون على سبيل النجاة.

الثالثة: جماعة لم تُدرك الحقيقة وليسوا في طريق معرفتها، ووصفهم الإمام بأنّهم همج رعاع. والهمج: بعّوض يقع على وجوه الغنم والحمير، وبعض فسّروه بالذباب۱، والرُّعاع: من لا عقل لهم.۲

شبّه هذا القول من لا يعلم ولا يطلب العلم ببعوض حائر لا عقل له، يسعى وراء جهالة أكبر من حجمه، ويميل مع كلّ ريحِ غواية، فيرتضي دعوة كلّ مُدّعٍ دون أن يعلم أنها حقّ أو باطل.

ولنا أن نتساءل: لماذا يُبتلى عدد غير قليل من الناس بمثل هذا المصير؟

أجاب الإمام عليه‏السلام في حديثه عن هذا السؤل أيضاً، فقال: إنّ علّة تردّي هذه الفئة أنّهم لم يقتبسوا من نور العلم، ولم يُنشئوا اعتقاداتهم على ركائز علميّة وطيدة.

واستناداً إلى ما أُشير إليه، فالاتّباع الأعمى لدعاة المهدويّة مجرّد مصداق واحد

1.. راجع: النهاية: ج ۵ ص ۲۷۲.

2.. راجع: القاموس المحيط: ج ۳ ص ۳۰.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14406
صفحه از 518
پرینت  ارسال به