407
موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی

ويعتبر المهديّ السودانيّ۱ واحد من أكبر دعاة المهدويّة الذين اعتمدوا هذه الوسيلة لمواجهة القوّات البريطانيّة والمصرّية المحتلّة لبلده.

ج ـ خلفيّات قبول ادّعاءات المتمهديين

تواجدت أرضيّات مختلفة وبكثرة أدّت إلى الإذعان والتصديق لمن يدّعي الزعامة باطلاً، وكما صوّرها حديث للإمام الباقر عليه‏السلام بما مضمونه أنّ ثمّة أنصار لكلّ من يدّعي القيادة، قال عليه‏السلام:

لَيسَ مِن أحَدٍ يَدعو إلى أن يَخرُجَ الدَّجّالُ، إلاّ سَيَجِدُ مَن يُبايِعُهُ.۲

وأفضل الأرضيّات لخداع السذّج وازدهار سوق المتمهديين الأفّاكين، هي الإفلاس الثقافيّ والفساد السياسيّ والاجتماعيّ، والمشاكل الاقتصاديّة.

۱. الجهل

للفقر الثقافيّ والجهل والاتّباع الأعمى، الأثر الأكبر لظهور مدّعي المهدويّة الكاذبين، والتسليم لادّعائهم.

ولعل أوّل سؤل يتبادر إلى الذهن من مشاهدة إحصائيّات المتمهديين هو: كيف تمكّن كلّ أُولئك المدّعين من خداع الناس واستغلالهم من أجل تمرير مقاصدهم؟

بوسعنا الحصول على جواب جليّ لهذا السؤل من المقولة الحكيمة للإمام عليّ عليه‏السلام في التعريف بأنواع الناس:

النّاسُ ثَلاثَةٌ: فَعالِمٌ رَبّانِيٌّ، ومُتَعَلِّمٌ عَلى سَبيلِ نَجاةٍ، وهَمَجٌ رَعاعٌ أتباعُ كلِّ ناعِقٍ (صائِحٍ)، يَميلونَ مَعَ كلِّ ريحٍ، لَم يَستَضيؤا بِنورِ العِلمِ، و لَم يَلجَؤا إلى رُكنٍ وَثيقٍ.۳

1.. راجع : ص ۴۵۹ «المهديّ السودانيّ».

2.. الكافي: ج ۸ ص ۲۹۶ ح ۴۵۶.

3.. نهج البلاغة: الحكمة ۱۴۷.


موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
406

أنّه باستغفال الناس يتسنّى له تحقيق مكاسبه ومآربه، مثلما تتجلّى الدوافع الماليّة لبعض من يتزعّم عن طريق البابيّة أو الوكالة الخاصّة.

۳. المكافة الاجتماعيّة

حينما تدنو المهدويّة من مفهوم (القطب) لدى مشايخ الصوفيّة، تكتسب كلٌّ من علاقة المراد والمريد، ودعم الخانقاه المعنيّة، وجذب الجماهير، أهمّيةً خاصّة، فلهذا الأمر دور خطير في ظهور المتمهديين في مقطع من تاريخ إيران وشمال أفريقيا، ولقداسة مفهوم المهدويّة بين المسلمين استحكم هذا الدافع ـ أيضاً ـ بين المجاميع الأُخرى.

۴. الوهم الذاتيّ

تنشأ بعض ادّعاءات المهدويّة من مرض نفسيّ هو الوهم الذاتيّ، فقسم ممّن طوى حياته في رياضات كثيرة، يمكن أن يعرض له تصوّر وتوهّم أنّه هو المهديّ المنتظر، كما قد تُفضي المشاكل الاجتماعيّة والسياسيّة أحياناً إلى بروز مثل هذا الوهم، ونماذج من يعيش هذا الوهم ليست قليلة في الوقت الحاضر، ولكنّهم لا يستمرّون ولا يتحوّلون عادة إلى حركة اجتماعيّة.

۵. تعبئة الجماهير ضدّ المستبدّين

يضمر بعض المتمهديين دوافع اجتماعيّة ثوريّة؛ أي يهدفون إلى مقارعة الظلم والثورة على الحاكم المستبدّ، ولكنّهم يسعون إلى تحشيد جماعة من الشعب حولهم بادّعائهم للمهدويّة. وما يكترث به أُولئك الأشخاص هو النضال السياسيّ والعسكريّ، لا العقيدة المشار إليها، ولذلك يكتفون أحياناً بطرح كلّيّ للأحداث.

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام المهدي علیه السلام في الکتاب و السّنّة و التّاریخ - المجلد الثانی
    سایر پدیدآورندگان :
    سيد محمّد كاظم الطّباطبائي، عدّة من الفضلاء
    تعداد جلد :
    7
    ناشر :
    انتشارات دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    01/01/1398
    نوبت چاپ :
    اول
تعداد بازدید : 14194
صفحه از 518
پرینت  ارسال به