وثَلاثَةُ أثوابٍ مَروِيٍّ۱ وعِمامَةٌ، وإذَا الحَنوطُ في خَريطَةٍ۲، وأَخرَجَ إلَيَّ الدَّراهِمَ فَعَدَدتُها مِئَةَ دِرهَمٍ ووَزنُها مِئَةُ دِرهَمٍ.
فَقُلتُ: يا سَيِّدي، هَب لي مِنها دِرهما أصوغُهُ خاتَما، قالَ: وكَيفَ يَكونُ ذلِكَ ؟ خُذ مِن عِندي ما شِئتَ، فَقُلتُ: اُريدُ مِن هذِهِ، وأَلحَحتُ عَلَيهِ، وقَبَّلتُ رَأسَهُ وعَينَيهِ، فَأَعطاني دِرهما، فَشَدَدتُهُ في مِنديلٍ وجَعَلتُهُ في كُمّي، فَلَمّا صِرتُ إلَى الخانِ۳ فَتَحتُ زِنفيلَجَةً۴ مَعي وجَعَلتُ المِنديلَ فِي الزِّنفيلَجَةِ وقَيدُ الدِّرهمِ مَشدودٌ، وجَعَلتُ كُتُبي ودَفاتِري فَوقَهُ، وأَقَمتُ أيّاما، ثُمَّ جِئتُ أطلُبُ الدِّرهَمَ فَإِذَا الصُّرَّةُ مَصرورَةٌ بِحالها ولا شَيءَ فيها، فَأَخَذَني شِبهُ الوَسواسِ فَصِرتُ إلى بابِ العَقيقِيِّ، فَقُلتُ لِغُلامِهِ خَيرٍ: اُريدُ الدُّخولَ إلَى الشَّيخِ، فَأَدخَلَنى إلَيهِ، فَقال لَي: ما لَكَ ؟
فَقُلتُ: يا سَيِّدي، الدِّرهَمُ الَّذي أعطَيتَني إيّاهُ ما أصَبتُهُ فِي الصُّرَّةِ ! فَدَعا بِالزِّنفيلَجَةِ وأَخرَجَ الدَّراهِمَ فَإِذا هِيَ مِئَةُ دِرهَمٍ عَدَداً ووَزنا، ولَم يَكُن مَعِيَ أحَدٌ اتَّهَمتُهُ. فَسَأَلتُهُ في رَدِّهِ إلَيَّ فَأبى، ثُمَّ خَرَجَ إلى مِصرَ وأَخَذَ الضَّيعَةَ، ثُمَّ ماتَ قَبلَهُ مُحَمَّدُ بنُ إسماعيلَ بِعَشَرَةِ أيّامٍ كَما قيلَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ رضىاللهعنه وكُفِّنَ فِي الأَكفانِ الَّتي دُفِعَت إلَيهِ.۵
۶۴۹.كمال الدين: قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ المَعروفُ بِأَبي عَلِيٍّ البَغدادِيِّ،
1.. أو : مَروزيّ ، والثوب المروزيّ هو الثوب الذي كان يُصنع في مرو، التي كانت مدينة كبيرة في خراسان القديمة.
2.. الخَريطة : مثل الكيس ، تكون من الخِرَق والأدَم تُشرَجُ على ما فيها لسان العرب : ج ۷ ص ۲۸۶ «خرط» .
3.. الخان : الحانوت أو صاحب الحانوت ، فارسي معرّب ، وقيل : الخان الذي للتجّار لسان العرب : ج ۱۳ ص ۱۴۶ «خون».
4.. الزنفيلجة ـ بكسر الزاي والفاء وفتح اللام ـ : شبيه بالكِنف [ والذي هو عبارة عن وعاء أو ظرف] وهو معرّب ، وأصله بالفارسيّة : «زين بِيلَه» الصحاح : ج ۱ ص ۳۲۰ «زنفلج» .
5.. كمال الدين : ص ۵۰۵ ح ۳۶ ، الغيبة للطوسيّ : ص ۳۱۷ ح ۲۶۵ ، بحار الأنوار : ج ۵۱ ص ۳۳۷ ح ۶۴ .